كيف نشأت فكرة صناديق الاستثمار ؟
تعود فكرة إنشاء صناديق الاستثمار
إلى سنواتٍ قديمة جداً، وقد مرّت بالعديد من التطورات والتغيرات التي طرأت
على عالم الاقتصاد والمال في العالم حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن. وقد
بدأ تنفيذ فكرة صنايق الاستثمار على مستوى العالم في أوروبا وتحديداً في
هولندا التي ظهر فيها أول صندوق استثماري في 1822، تلتها إنجلترا في عام
1870. غير أن البداية الحقيقية للصناديق الاستثماري ة بالمفاهيم القائمة
الآن تحققت في الولايات المتحدة عام 1924، وذلك حينما تم إنشاء أول صندوق
في بوسطن باسم Masochists Investment Trust على يدِ أساتذة جامعة هارفرد
الأمريكية، واستمرت بعدها في التوسع والتنوع حتى وصل عددها بنهاية 2005
إلى 56.1 ألف صندوق، بصافي أصول استثمارية فاق 62 تريليون ريال "16.4
تريليون دولار أمريكي"، يوجد نحو53 في المائة منها في أوروبا ، ونحو 14 في
المائة في الولايات المتحدة، ونحو 12 في المائة منها في كوريا الجنوبية،
ونحو 21 في المائة موزعة على بقية دول العالم. وتعد البنوك السعودية صاحبة
التجربة الأولى في منطقة الشرق الأوسط في مجال إنشاء الصناديق الاستثماري
ة، حيث بدأت في تأسيسها وإدارتها عام 1979 من خلال إصدارها العديد من
الصناديق الاستثماري ة المتنوعة حتى وصل عدد صناديق الاستثمار السعودية
إلى 200 صندوق استثماري بنهاية عام 2005 بإجمالي أصول تناهز الـ 130 مليار
ريال تشكّل نحو 12 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
أنواع صناديق الاستثمار
تعددت
أنواع الصناديق حسب رغبات وأهداف المستثمرين وحاجاتهم، كما اختلفت أنواعها
حسب الأسواق التي تدار فيها، غير أننا سنركز على نوعين من التقسيم الأول
تقسيم الصناديق حسب سياسة الشراء والاسترداد ، أمّا النوع الثاني تقسيم
الصناديق حسب السياسة الاستثماري ة. فبالنسبة للتصنيف الأول الخاص بتقسيم
الصناديق حسب سياسة الشراء والاسترداد فإنه ينقسم إلى نوعين رئيسين من
الصناديق، وهما:
صناديق الاستثمار المغلقة Closed - end Funds: تقتصر
على فئةٍ محددة من المستثمرين ، لها هدف محدد وفترة زمنية محددة، وفي
نهاية تلك الفترة تتم تصفية الصندوق وتوزع عوائده المتحققة على المشتركين
فيه.
صناديق الاستثمار المفتوحة Open - end Funds: هي صناديق
الاستثمار المفتوحة أمام دخول وخروج المستثمرين ، ولا يوجد سقف أعلى لحجم
أصول الصندوق، وبالتالي فإنه يحتوي عددٍ غير ثابت وغير محدد من الوحدات،
ويخضع حجم أصول الصندوق لعمليات البيع والشراء والاسترداد ، حيث ترتفع
أصول الصندوق في حالة البيع وتنخفض في حالة الاسترداد.
كما يمكن تقسيم الصناديق حسب السياسة الاستثماري ة، إلى الأقسام الرئيسة التالية:
صناديق
النقد Money Market Funds : التي تستثمر أصولها بشكلٍ خاص في الأصول قصيرة
الأجل "الودا ئع المصرفية وأذونات الخزانة والأوراق التجارية"، وعادةً ما
يتسم هذا النوع بانخفاض المخاطرة والعائد عليها.
صناديق السندات
Bonds Funds : وهي تلك الصناديق التي تستثمر أصولها في السندات بجميع
أشكالها وبآجال مختلفة، وتتسم بالعائد والمخاطرة المنخفضين نسبياً.
صناديق
النمو Growth Funds : يهدف هذا النوع إلى تنمية قيمة رأس المال المستثمر
وتحقيق أعلى نمو رأسمالي على المدى الطويل، ممثلاً هذا العائد المتحقق في
القيمة الرأسمالية وتوزيعات الأرباح.
صناديق الدخل والنمو Income
& Growth Funds : ويستهدف هذا النوع من الصناديق محاولة تحسين القيمة
السوقية لأصول الصندوق، ولذا فإنها عادةً ما تستثمر أصولها الاستثماري ة
في الأسهم العادية العائدة لشركات وقطاعات ذات معدلات نمو عالية.
الصناديق
القطاعية Sector-Oriented Funds : هي تلك التي تستثمر أصولها في قطاعات
معينة كالتقنية أو البتروكيما ويات، ويتسم هذا النوع بالعوائد العالية في
مقابل ارتفاع درجات المخاطرة بسبب افتقارها إلى التنوّع في الاستثمارا ت.
مزايا صناديق الاستثمار
المزايا على مستوى الأفراد المستثمرين :
توزيع
المخاطر الاستثماري ة: إذ إن توزيع الأموال المسـتثمرة في أكثر من مجال
اسـتثماري - تجنب وضع البيض في سلة واحدة - يخفض من درجة المخاطرة، وهو
المبدأ الذي تستند إليه معظم سياسات صناديق الاستثمار.
الحصول على
إدارة استثمارية متخصصة: يُمكن للصناديق الاستثماري ة من خلال الكفاءات
المتخصصة في المجالات الاستثماري ة الحديثة الاضطلاع بدور المدير
الاستثماري للأفراد قليلي الخبرة الاستثماري ة، وإدارة واستثمار مدخراتهم
بأحدث وأفضل الطرق، وبأقل تكلفة وجهد على الأفراد.
الإعفاء من
الأعباء الإدارية: تتوافر لدى صناديق الاستثمار أصول استثمارية كبيرة يمكن
لها إبرام الصفقات الكبيرة بعمولات متدنية والاستفادة من اقتصاديات الحجم،
وهو ما يوفر الكثير من التكاليف والأعباء على المستثمر، هذا عدا إعفائه من
بعض الرسوم والتكاليف الإدارية.
السيولة: يُمكن لأي مستثمر في
الصناديق المفتوحة تقديم طلب استرداد قيمة اشتراكه لمدير الصندوق في أي
وقت، ومن ثم يمكنه الحصول على المبلغ حسب اتفاقية الأحكام والشروط.
التنظيم
والرقابة: تعتبر صناديق الاستثمار من أكبر الخدمات الاستثماري ة تنظيماً
ومن أكثرها خضوعاً للرقابة اللصيقة من قبل السلطات المعنية.
تتيح صناديق الاستثمار لصغار المستثمرين فرصة الدخول في مجالات استثمارية لا يستطيعون دخولها بمفردهم.
المزايا على مستوى الاقتصاد الوطني :
تمثل
صناديق الاستثمار أحد قنوات تحويل مدخرات الأفراد من أموال معطلة في
الاقتصاد إلى أموال نشطة، تُسهم في رفع مستوى الاستثمارا ت المتاحة في
الاقتصاد.
مساعدة المستثمرين على ترشيد قراراتهم الاستثماري ة بما
يرفع كفاءة الاستثمار الوطني، بفضل تمتع مديري المحافظ الاستثماري ة
بخبرات مالية واقتصادية تدعمها الممارسات العملية والدراية الواسعة
بمتغيرات السوق.
تُسهم صناديق الاستثمار في دعم الأسواق المالية
بإضفاء العمق المالي وتنشيطها من خلال جذب صغار المستثمرين إليها، كما
توفر الحماية لكل من الأسواق وصغار المستثمرين .
تلعب صناديق
الاستثمار دوراً مهما في دعم برامج التخصيص، كما تسهم في الترويج لأسهم
الشركات المخصخصة، وامتصاص فائض السيولة لدى الأفراد.
الحث على إنشاء
شركات جديدة سواءً شركات تقوم بإدارة هذه الصناديق أو شركات تحصل على
التمويل اللازم لعملها من العمليات النهائية لهذه الصناديق، وهذا يساعد
على اتساع قاعدة السوق المالية بشكلٍ عام.
مخاطر صناديق الاستثمار
على الرغم من أن صناديق الاستثمار تتمتع بالعديد من المزايا كما ذُكر أعلاه، إلا أنها قد تتعرض لمخاطر عديدة، لعل من أهمها:
مخاطر السوق المالية الناتجة عن تقلبات أسعار الأوراق المالية في البورصة.
انخفاض الأصول المقومة بالنقد الأجنبي في صناديق الاستثمار عند ارتفاع سعر صرف العملة المحلية.
مخاطر
أسعار الفائدة، حيث يمكن لاحتمال انخفاض قيمة أدوات الدين الثابت مثل
السندات وارتفاع أسعار الفائدة أن يؤدي إلى التأثير بدورها على قيمة
الأسهم وعدم قدرة الشركات على النمو بسبب تحول المستثمرين من سوق الأسهم
إلى سوق السندات.
كيف يختار المستثمر بين صناديق الاستثمار ؟
تعتمد
الإجابة عن هذا السؤال حسب آراء الخبراء الاستثماري ين في هذا المجال على
عددٍ من المعايير التي ينبغي على المستثمر وضعها في عين الاعتبار وهي كما
يلي:
هدف الاستثمار: يعتمد اختيار صندوق الاستثمار على هدف المستثمر
الذي لا يخرج عن إحدى حالتين تحقيق دخلٍ دوري أو نمو رأسمالي. فالمستثمر
الذي ينشد الدخل الدوري يتوقع منه أن يضع استثماراته في أوراق مالية تحقق
عائداً ثابتاً بينما الذي يبحث عن نمو رأسمالي يتجه للصناديق التي تركز
على أسهم النمو الرأسمالي في سوق الأسهم.
مدة الاستثمار: ما الفترة
الزمنية التي يفضلها المستثمر لأجل توظيف استثماراته ، وتتوزع تلك الفترات
على الاستثمار قصير الأجل "أقل من سنة"، أو الاستثمار متوسط الأجل ويراوح
بين سنة وثلاث سنوات، أو الاستثمار طويل الأجل "أكثر من ثلاث سنوات".
وتشير التجارب إلى أن أفضل الخيارات لتحقيق نمو رأسمالي جيد هو الإبقاء
على الاستثمارا ت لمدى زمني متوسط إلى طويل الأجل.
درجة المخاطرة:
تتعرض سوق الأسهم إلى تذبذبات بدرجاتٍ متفاوتة في الأسعار في الأجل
القصير، في الأجل المتوسط والطويل يُلاحظ زيادة أسعار أسهم الشركات ذات
النتائج الإيجابية وانخفاض أسعار أسهم الشركات المتعثرة، كما أن تغير
معدلات الفائدة في السوق يؤثر على أسعار السندات ذات العائد الثابت،
فحينما ترتفع معدلات الفائدة في السوق تنخفض أسعار السندات والعكس صحيح.
وتعتمد درجة المخاطرة التي يتقبلها المستثمر على عدة معايير منها الفئة
العمرية والدخل والذوق والمهنة ودرجة التفاؤل في البيئة الاستثماري ة
المحيطة وفي متغيرات الاقتصاد الكلي. هذا إلى جانب بعض الموانع الشرعية
التي تحد من التوجه إلى الاستثمارا ت ذات العائد الثابت وبالتالي على تقبل
درجة مخاطرة أكبر.