تاريخ
مصر هو تاريخ الحضارة الإنسانية؛ حيث أبدع الإنسان المصري، وقدم حضارةً
عريقة سبقت حضارات شعوب العالم كلّه !... حضارة رائدة في ابتكاراتها
وعمائرها وفنونها، إذ أذهلت العالم والعلماء بفكرها وعلمها فهي حضارة
متصلة الحلقات تفاعل معها الإنسان المصري وتركت في عقله ووجدانه بصماتها
التي لا تزول!
لقد كانت مصر أول دولة في العالم القديم عرفت مبادئ الكتابة، وابتدعت
الحروف والعلامات و«الهيروغليفية»، وكان المصريون القدماء حريصين على
تدوين تاريخهم وتسجيل الأحداث التي صنعوها وعاشوها، وبهذه الخطوة الحضارية
العظيمة انتقلت مصر من عصور ما قبل التاريخ وأصبحت أول دولة في العالم لها
تاريخ مكتوب، ولها نظم ثابتة، ولذلك اعتبرت بكافة المعايير أماً للحضارات
الإنسانية.
كان لمصر، وما يزال، دورها الحضاري، والتاريخي، والديني حيث كانت المكان
الذي احتضن الأنبياء؛ والأرض التي سارت عليها خطوات الرسل!... فجاء إليها
أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام وتزوج السيدة هاجر فيها ... وجاء إليها
يوسف عليه السلام وأصبح فيها وزيراً، وتبعه إليها أبوه يعقوب .. ودار فيها
أعظم حوار بين الله عز وجل وبين موسى عليه السلام.
والى مصر لجأت العائلة المقدسة: السيدة مريم العذراء، والسيد المسيح
طفلاً، ويوسف النجار. وقاموا برحلة تاريخية مباركة في أرضها ... وقد اختار
الله سبحانه وتعالى مصر بالذات لتكون الملجأ الحصين، حين شاءت السماء أن
تكون واحة السلام والأمان على الدوام، وملتقى الأديان السماوية الثلاث.
وقد تتابعت على أرض مصر حضارات متعددة؛ فكانت مصر مهداً للحضارة
الفرعونية، وحاضنةً للحضارة الإغريقية والرومانية، ومنارة للحضارة
القبطية، وحامية للحضارة الإسلامية. واتسم شعب مصر على طول التاريخ بالحب
والتسامح والود والكرم.
العصر الفرعوني
عصر الدولة القديمة (2980 ـ 2475 ق.م)
تطورت الحضارة المصرية وتبلورت مبادئ الحكومة المركزية، وشهد عصر هذه
الدولة نهضةً شاملةً في شتى نواحي الحياة، حيث توصل المصريون إلى الكتابة
الهيروغليفية (النقش المقدس)، واهتم الملوك بتأمين حدود البلاد، ونشطت
حركة التجارة بين مصر والسودان. واستقبلت مصر عصراً مجيداً في تاريخها عرف
باسم عصر بناة الأهرامات، وشهد هذا العصر بناء أول هرم -هرم سقارة -، ومع
تطور الزراعة والصناعة استخدم المصريون أول أسطول نهري لنقل منتجاتهم،
وبلغت الملاحة البحرية شأناً عظيما، وأصبحت حرفةً منظمةً كغيرها من الحرف
الراسخة التي اشتهرت بها مصر القديمة اشتهاراً واسعاً.
أما عصر الدولة الوسطى الممتد في الفترة من (2160 ـ 1580 ق. م) فنلاحظ
اهتمام ملوك الدولة الوسطى بالمشروعات الأكثر نفعاً للشعب المصري فازدهرت
الزراعة وتطورت المصنوعات اليدوية، وأنتج الفنانون المهندسون المصريون،
تراثاً رائعاً انتشر في الأقصر والفيوم وعين شمس. كذلك ازدهر الفن والأدب
في هذا العصر، ولكن نهاية حكم هذه الدولة شهد غزو الهكسوس واحتلالهم لمصر.
عصر الدولة الحديثة (1580 ـ 1150 ق.م)
بعد أن تم للملك أحمس الأول القضاء على الهكسوس وطردهم خارج حدود مصر
الشرقية عاد الأمن والاستقرار إلى ربوع البلاد. وبدأت مصر عهداً جديداً هو
عهد الدولة الحديثة، وأدركت أهمية القوة العسكرية لحماية البلاد، فتم
إنشاء جيش قوي لتكوين إمبراطورية عظيمة امتدت من نهر الفرات شرقاً إلى
الشلال الرابع على نهر النيل جنوباً. وأصبحت بذلك قوة عظمى، وصارت
إمبراطوريةً عظيمة مترامية الأطراف، بل وأقدم إمبراطورية في التاريخ.
وقد حاز ملوك وملكات الأسرة الثانية عشرة شهرةً عالميةً في ميادين السياسة
والحرب والثقافة والحضارة والدين .. «أحمس» بطل التحرير ... «امنحوتب
الأول» العادل الذي أصدر قانوناً يمنع السخرة، ويضع المعايير العادلة
للأجور والحوافز .. «تحتمس الأول» المحارب الذي وسّع الحدود المصرية
شمالاً وجنوباً ونشر التعليم وتوسع في فتح المناجم وصناعة التعدين ...
و«تحتمس الثاني» المتأنق ... و«تحتمس الثالث» الإمبراطور صاحب العبقرية
العسكرية الفذة وأول فاتح عظيم في تاريخ العالم ... و«تحتمس الرابع»
الدبلوماسي، الذي كان أول من اهتم بتدوين المعاهدات الدولية ... و«امنحوتب
الثالث» أغنى ملك في العالم القديم، وفاتح المدارس و«بيوت الحياة» لنشر
التعليم والفنون التشكيلية والتطبيقية .. و«اخناتون» أول الموحدين، وأول
ملك في تاريخ الإنسانية وقد نادى بوحدانية الله خالق كل شيء... و«توت عنخ
آمون» الذي حاز شهرة طبقت الآفاق في العالم المعاصر.
ومن أشهر ملكات هذه الأسرة الملكة «اياح حتب» زوجة الملك «سقنن رع»،
والملكة «أحمس نفرتاري» زوجة أحمس الأول، والملكة «تي» بنت الشعب وزوجة
امنحوتب الثالث وأم اخناتون، والملكة «نفرتيتي» زوجة «اخناتون» والملكة
العظيمة «حتشبسوت» التي حكمت مصر قرابة عشرين عاما، وبلغت مصر في عهدها
أعلى قمة في الحضارة والعمارة والتجارة الدولية، حيث أرسلت البعثة البحرية
التجارية والعلمية إلى بلاد «بونت» وشيدت واحدا من أعظم الآثار المعمارية
وأكثرها روعة وفخامة، وهو معبد «الدير البحري» على الشاطئ الغربي للنيل في
مواجهة الأقصر، الفريد في تصميمه والمتميز بين معابد العالم القديم كلها.
وشهد هذا العصر أيضا «ثورة اخناتون الدينية» حيث دعا إلى عبادة إله واحد
ورمز لـه بقرص الشمس وأنشأ عاصمة جديدة للبلاد وأسماها «اخيتاتون».
وتعرضت مصر منذ حكم الأسرة 21 حتى 28 لاحتلال كل من الآشوريين عام 670 ق.م
ثم الفرس حتى انتهى حكم الفراعنة مع الأسرة 30 ودخول الإسكندر الأكبر مصر.
فنون الحضارة الفرعونية
أبدع المصريون في فن العمارة، وآثارهم الخالدة خير شاهد على ذلك، ففي
الدولة القديمة شُيّدت المصاطب والأهرامات وهي تمثل العمائر الجنائزية،
وكان أول هرمٍ بني هرم «زوسر» ثم «ميدون». إلا أن أشهرها جميعاً أهرامات
الجيزة الثلاثة وتمثال «أبو الهول». وانتشرت المعابد الجنائزية في عصر
الدولة الوسطى، ومن أشهرها معبد «قصر التيه»، بالإضافة للقلاع والحصون
والأسوار. واستخدم الفنانون القدامى الحفر الغائر والبارز بروزاً بسيطاً
للحفاظ على نقوش الحوائط خوفاً من الضياع أو التشويه.
كما برع المصريون في الكتابة والأدب و«الخط الهيروغليفي»، والمداد الأسود
أو الأحمر في الكتابة على أوراق البردى. وبرعوا في أسرار الكون والأساطير
والأناشيد والصلوات، والأدب الديني في «كتاب الموتى» و «نصوص الأهرامات».
وعرف الفنانون الفراعنة آلات النفخ والوتريات مثل «الهارب» المسماة
بالفرعونية «تيبوتي»، وابتدعوا أنماطاً من آلاتٍ بإيقاعاتٍ ونغماتٍ تطورت
بتطور حسهم ومشاهداتهم.
كما عرف قدماء المصريين التجمل بالحلي المتميزة بالدقة الفنية العالية
وجمال التشكيل، واستخدموا العناصر الزخرفية من الطبيعة، مثل نبات البردى،
والنخيل، وزهر اللوتس، واهتموا بزينة المرأة واستخدمت نساؤهم الكحل
والأساور والعقود والخواتم والقلائد والحنة. بالإضافة للكتان الناعم
والأقمشة الحريرية المستوردة من بلاد الجوار ـ سوريا القديمة - ومحيطها.
قاهرة المعز لدين الله الفاطمي
أرسـى القائد الفاطمـي جوهـر الصّقلّي أساس القاهرة في السابع عشر من شهر
شعبان سنة 358 هـ، (السادس عشر من يوليو عام 969م) بأمر من الخليفة المعز
لدين الله الفاطمي، وأنشأ بها الجامع الأزهر منارةً للعلم ومركزاً للإشعاع
في الثقافة والحضارة الإسلاميتين.
وتُعدّ القاهرة الفاطمية امتداداً طبيعياً جهة الشمال لثلاث عواصم إسلامية
سبقتها: الفسطاط التي أنشأها عمـرو بن العاص بعد فتـح مصر عام 20 هـ (640
م) كأول مدينة إسلامية في إفريقيا، والعسكر في العصر العباسي، والقطائع
التي أنشأها أحمد بن طولون عام 870م، فتكونت القاهرة من هذه العواصم التي
اتصلت ببعضها بعضاً في العصر الفاطمي لتمر بعد ذلك بالعصور الأيوبية،
والمملوكية، والعثمانية، وفترة حكم أسرة محمد علي في العصر الحديث؛ وهكذا
أصبحت القاهرة متحفاً مفتوحاً يحتوي على 600 أثر إسلامي متنوعٍ بين كافة
طرز العمارة والفنون الإسلامية، بالإضافة إلى الآثار الفرعونية والرومانية
والقبطية؛ وقد تركت كل حقبة بصمةً واضحةً تميزها، وهي بجميع مراحلها تعتبر
ذاكرةً حية للتاريخ والحضارة.
شريان مصر
لا يمثّل النيل شريان الحياة لمصر فحسب، وإنما أيضاً مبعث الراحة
والاسترخاء والاستجمام؛ فعليه تطل العديد من الفنادق الفاخرة والأندية
الاجتماعية والرياضية، وعلى ضفتيه ترسو مطاعم عائمة ثابتة ومتحركة، وعلى
صفحته تغدو الحافلات النهرية كوسيلة انتقال ممتعة بالإضافة إلى المراكب
متعددة الأشكال والأنواع رياضةً، أو ترفيهاً.
هذا النهر الرائع الذي يعتبر ثاني أطول أنهار العالم يشق أرض مصر من
الجنوب إلى الشمال ليتفرع إلى فرعين هما رشيد ودمياط. وعلى هذا النهر تقع
قاهرة المعز، تلك العاصمة التي حدد مكانها التاريخ واختارتها الجغرافيا
بساحل يصل إلى حوالي 5ر41 كم، يبدأ من حي الساحل شمالاً إلى حي حلوان
والتبين جنوباً...
المتاحف ... مجموعات أثرية شاهدة
يمكن للزائر أن يشاهد أكثر من 20 متحفاً في مصر، من أبرزها : المتحف
المصري الذي أنشئ عام 1897م وتم افتتاحه عام 1902م. وينفرد بمجموعة أثرية
فرعونية يرجع تاريخها إلى آلاف السنين ومن أروعها كنوز (توت عنخ آمون
وقاعة المومياء)، ويوجد فيه مكتبة كبيرة تضم مؤلفات الآثار والتاريخ
والحضارات والديانات بلغات مختلفة. والمتحف القبطي الذي أنشئ عام 1908
بمصر القديمة والذي يشتمل على مجموعة نادرة من آثار العهد المسيحي الأول،
وأهمها كتاب البشائر الأربعة (الإنجيل) بنسخته العربية. وهناك متحف الفن
الإسلامي الذي افتتح عام 1903م، وهو مبنى على طراز عربي حديث ويضم مجموعة
حافلة من التحف الإسلامية النادرة من مختلف العصور التي يتتبع بها الإنسان
تطور الحضارة الإسلامية. أما المتحف الحربي فيشغل مبنى قصر الحرم بداخل
قلعة صلاح الدين والذي أنشئ عام 1827م، وقد افتتح كمتحف عام 1937م وعنى
بعرض التاريخ العسكري وارتباطه بالتاريخ السياسي. ويعدّ متحف قصر الجوهرة
الذي أقامه محمد علي عام 1814م لاستقبالاته الرسمية وإدارة شؤون الدولة،
تحفة معمارية نادرة بنقوشه الذهبية، ويستخدم حالياً متحفاً لآثار محمد علي
وأسرته.
أســوار القاهــرة
تعتبر القاهرة المدينة الإسلامية الوحيدة التي أقيم لها ثلاثة أسوار على
فترات تاريخية معاقبة: سور جوهر الصقلي، وسور أمير الجيوش بدر الجمالي في
عهد الخليفة المستنصر بالله الفاطمي، وسور بهاء الدين قراقوش في عهد
الناصر صلاح الدين الأيوبي الذي بناه ليضم القاهرة والقطائع والعسكر
والفسطاط. وكانت للقاهرة ثمانية أبواب زالت معظمها، ولم يبقَ منها إلا
ثلاثة هي : (زويلة، الفتوح، النصر).
بانوراما حرب أكتوبر
مشروع ثقافي وحضاري وفني وسياحي كبيرأقيم لتخليد انتصارات مصر خلال حرب
أكتوبر 1973م، ويضم المشروع الذي أقيم على مساحة 5,7 فدّان مبنى رئيساً ذا
طابع إسلامي تُعرض فيه حرب أكتوبر بشكل بانوراما مجسّمة. وبه قاعتان تضمان
نماذج للأسلحة، وصوراً مجسمة لمسارح العمليات.
خان الخليلي ...
سوق الحرير والعطور والأقمشة
أنشأه الأمير جهاركس الخليلي أمير أخو السلطان الظاهر برقوق ـ مكان مقبرة
الخلفاء الفاطميين التي كانت تعرف باسم تربة الزعفرانة. وأوقف هذا الخان
على الفقراء. وفي عام 917هـ هدم السلطان الغوري خان الخليلي وأنشأ مكانه
حوانيت وربوعاً ووكالات. ويتم الوصول إليه من ثلاث بوابات، تعرضت للهدم
والبناء عدة مرات، ويعتبر خان الخليلي مركزاً عالمياً لبيع المنتجات
الجلدية والذهبية والخشبية، والزجاجية والعطور العتيقة والأقمشة الحريرية
المطرزة والتحف المقلدة من العاج والنحاس والسجاجيد.
أوابد مصر
تقع أهرامات الجيزة وأبو الهول على بعد 15 كم من قلب العاصمة القاهرة،
وتعتبر هذه المنطقة من أهم المزارات السياحية في مصر، إذ تضمُّ أشهر آثار
العالم.
مصر هو تاريخ الحضارة الإنسانية؛ حيث أبدع الإنسان المصري، وقدم حضارةً
عريقة سبقت حضارات شعوب العالم كلّه !... حضارة رائدة في ابتكاراتها
وعمائرها وفنونها، إذ أذهلت العالم والعلماء بفكرها وعلمها فهي حضارة
متصلة الحلقات تفاعل معها الإنسان المصري وتركت في عقله ووجدانه بصماتها
التي لا تزول!
لقد كانت مصر أول دولة في العالم القديم عرفت مبادئ الكتابة، وابتدعت
الحروف والعلامات و«الهيروغليفية»، وكان المصريون القدماء حريصين على
تدوين تاريخهم وتسجيل الأحداث التي صنعوها وعاشوها، وبهذه الخطوة الحضارية
العظيمة انتقلت مصر من عصور ما قبل التاريخ وأصبحت أول دولة في العالم لها
تاريخ مكتوب، ولها نظم ثابتة، ولذلك اعتبرت بكافة المعايير أماً للحضارات
الإنسانية.
كان لمصر، وما يزال، دورها الحضاري، والتاريخي، والديني حيث كانت المكان
الذي احتضن الأنبياء؛ والأرض التي سارت عليها خطوات الرسل!... فجاء إليها
أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام وتزوج السيدة هاجر فيها ... وجاء إليها
يوسف عليه السلام وأصبح فيها وزيراً، وتبعه إليها أبوه يعقوب .. ودار فيها
أعظم حوار بين الله عز وجل وبين موسى عليه السلام.
والى مصر لجأت العائلة المقدسة: السيدة مريم العذراء، والسيد المسيح
طفلاً، ويوسف النجار. وقاموا برحلة تاريخية مباركة في أرضها ... وقد اختار
الله سبحانه وتعالى مصر بالذات لتكون الملجأ الحصين، حين شاءت السماء أن
تكون واحة السلام والأمان على الدوام، وملتقى الأديان السماوية الثلاث.
وقد تتابعت على أرض مصر حضارات متعددة؛ فكانت مصر مهداً للحضارة
الفرعونية، وحاضنةً للحضارة الإغريقية والرومانية، ومنارة للحضارة
القبطية، وحامية للحضارة الإسلامية. واتسم شعب مصر على طول التاريخ بالحب
والتسامح والود والكرم.
العصر الفرعوني
عصر الدولة القديمة (2980 ـ 2475 ق.م)
تطورت الحضارة المصرية وتبلورت مبادئ الحكومة المركزية، وشهد عصر هذه
الدولة نهضةً شاملةً في شتى نواحي الحياة، حيث توصل المصريون إلى الكتابة
الهيروغليفية (النقش المقدس)، واهتم الملوك بتأمين حدود البلاد، ونشطت
حركة التجارة بين مصر والسودان. واستقبلت مصر عصراً مجيداً في تاريخها عرف
باسم عصر بناة الأهرامات، وشهد هذا العصر بناء أول هرم -هرم سقارة -، ومع
تطور الزراعة والصناعة استخدم المصريون أول أسطول نهري لنقل منتجاتهم،
وبلغت الملاحة البحرية شأناً عظيما، وأصبحت حرفةً منظمةً كغيرها من الحرف
الراسخة التي اشتهرت بها مصر القديمة اشتهاراً واسعاً.
أما عصر الدولة الوسطى الممتد في الفترة من (2160 ـ 1580 ق. م) فنلاحظ
اهتمام ملوك الدولة الوسطى بالمشروعات الأكثر نفعاً للشعب المصري فازدهرت
الزراعة وتطورت المصنوعات اليدوية، وأنتج الفنانون المهندسون المصريون،
تراثاً رائعاً انتشر في الأقصر والفيوم وعين شمس. كذلك ازدهر الفن والأدب
في هذا العصر، ولكن نهاية حكم هذه الدولة شهد غزو الهكسوس واحتلالهم لمصر.
عصر الدولة الحديثة (1580 ـ 1150 ق.م)
بعد أن تم للملك أحمس الأول القضاء على الهكسوس وطردهم خارج حدود مصر
الشرقية عاد الأمن والاستقرار إلى ربوع البلاد. وبدأت مصر عهداً جديداً هو
عهد الدولة الحديثة، وأدركت أهمية القوة العسكرية لحماية البلاد، فتم
إنشاء جيش قوي لتكوين إمبراطورية عظيمة امتدت من نهر الفرات شرقاً إلى
الشلال الرابع على نهر النيل جنوباً. وأصبحت بذلك قوة عظمى، وصارت
إمبراطوريةً عظيمة مترامية الأطراف، بل وأقدم إمبراطورية في التاريخ.
وقد حاز ملوك وملكات الأسرة الثانية عشرة شهرةً عالميةً في ميادين السياسة
والحرب والثقافة والحضارة والدين .. «أحمس» بطل التحرير ... «امنحوتب
الأول» العادل الذي أصدر قانوناً يمنع السخرة، ويضع المعايير العادلة
للأجور والحوافز .. «تحتمس الأول» المحارب الذي وسّع الحدود المصرية
شمالاً وجنوباً ونشر التعليم وتوسع في فتح المناجم وصناعة التعدين ...
و«تحتمس الثاني» المتأنق ... و«تحتمس الثالث» الإمبراطور صاحب العبقرية
العسكرية الفذة وأول فاتح عظيم في تاريخ العالم ... و«تحتمس الرابع»
الدبلوماسي، الذي كان أول من اهتم بتدوين المعاهدات الدولية ... و«امنحوتب
الثالث» أغنى ملك في العالم القديم، وفاتح المدارس و«بيوت الحياة» لنشر
التعليم والفنون التشكيلية والتطبيقية .. و«اخناتون» أول الموحدين، وأول
ملك في تاريخ الإنسانية وقد نادى بوحدانية الله خالق كل شيء... و«توت عنخ
آمون» الذي حاز شهرة طبقت الآفاق في العالم المعاصر.
ومن أشهر ملكات هذه الأسرة الملكة «اياح حتب» زوجة الملك «سقنن رع»،
والملكة «أحمس نفرتاري» زوجة أحمس الأول، والملكة «تي» بنت الشعب وزوجة
امنحوتب الثالث وأم اخناتون، والملكة «نفرتيتي» زوجة «اخناتون» والملكة
العظيمة «حتشبسوت» التي حكمت مصر قرابة عشرين عاما، وبلغت مصر في عهدها
أعلى قمة في الحضارة والعمارة والتجارة الدولية، حيث أرسلت البعثة البحرية
التجارية والعلمية إلى بلاد «بونت» وشيدت واحدا من أعظم الآثار المعمارية
وأكثرها روعة وفخامة، وهو معبد «الدير البحري» على الشاطئ الغربي للنيل في
مواجهة الأقصر، الفريد في تصميمه والمتميز بين معابد العالم القديم كلها.
وشهد هذا العصر أيضا «ثورة اخناتون الدينية» حيث دعا إلى عبادة إله واحد
ورمز لـه بقرص الشمس وأنشأ عاصمة جديدة للبلاد وأسماها «اخيتاتون».
وتعرضت مصر منذ حكم الأسرة 21 حتى 28 لاحتلال كل من الآشوريين عام 670 ق.م
ثم الفرس حتى انتهى حكم الفراعنة مع الأسرة 30 ودخول الإسكندر الأكبر مصر.
فنون الحضارة الفرعونية
أبدع المصريون في فن العمارة، وآثارهم الخالدة خير شاهد على ذلك، ففي
الدولة القديمة شُيّدت المصاطب والأهرامات وهي تمثل العمائر الجنائزية،
وكان أول هرمٍ بني هرم «زوسر» ثم «ميدون». إلا أن أشهرها جميعاً أهرامات
الجيزة الثلاثة وتمثال «أبو الهول». وانتشرت المعابد الجنائزية في عصر
الدولة الوسطى، ومن أشهرها معبد «قصر التيه»، بالإضافة للقلاع والحصون
والأسوار. واستخدم الفنانون القدامى الحفر الغائر والبارز بروزاً بسيطاً
للحفاظ على نقوش الحوائط خوفاً من الضياع أو التشويه.
كما برع المصريون في الكتابة والأدب و«الخط الهيروغليفي»، والمداد الأسود
أو الأحمر في الكتابة على أوراق البردى. وبرعوا في أسرار الكون والأساطير
والأناشيد والصلوات، والأدب الديني في «كتاب الموتى» و «نصوص الأهرامات».
وعرف الفنانون الفراعنة آلات النفخ والوتريات مثل «الهارب» المسماة
بالفرعونية «تيبوتي»، وابتدعوا أنماطاً من آلاتٍ بإيقاعاتٍ ونغماتٍ تطورت
بتطور حسهم ومشاهداتهم.
كما عرف قدماء المصريين التجمل بالحلي المتميزة بالدقة الفنية العالية
وجمال التشكيل، واستخدموا العناصر الزخرفية من الطبيعة، مثل نبات البردى،
والنخيل، وزهر اللوتس، واهتموا بزينة المرأة واستخدمت نساؤهم الكحل
والأساور والعقود والخواتم والقلائد والحنة. بالإضافة للكتان الناعم
والأقمشة الحريرية المستوردة من بلاد الجوار ـ سوريا القديمة - ومحيطها.
قاهرة المعز لدين الله الفاطمي
أرسـى القائد الفاطمـي جوهـر الصّقلّي أساس القاهرة في السابع عشر من شهر
شعبان سنة 358 هـ، (السادس عشر من يوليو عام 969م) بأمر من الخليفة المعز
لدين الله الفاطمي، وأنشأ بها الجامع الأزهر منارةً للعلم ومركزاً للإشعاع
في الثقافة والحضارة الإسلاميتين.
وتُعدّ القاهرة الفاطمية امتداداً طبيعياً جهة الشمال لثلاث عواصم إسلامية
سبقتها: الفسطاط التي أنشأها عمـرو بن العاص بعد فتـح مصر عام 20 هـ (640
م) كأول مدينة إسلامية في إفريقيا، والعسكر في العصر العباسي، والقطائع
التي أنشأها أحمد بن طولون عام 870م، فتكونت القاهرة من هذه العواصم التي
اتصلت ببعضها بعضاً في العصر الفاطمي لتمر بعد ذلك بالعصور الأيوبية،
والمملوكية، والعثمانية، وفترة حكم أسرة محمد علي في العصر الحديث؛ وهكذا
أصبحت القاهرة متحفاً مفتوحاً يحتوي على 600 أثر إسلامي متنوعٍ بين كافة
طرز العمارة والفنون الإسلامية، بالإضافة إلى الآثار الفرعونية والرومانية
والقبطية؛ وقد تركت كل حقبة بصمةً واضحةً تميزها، وهي بجميع مراحلها تعتبر
ذاكرةً حية للتاريخ والحضارة.
شريان مصر
لا يمثّل النيل شريان الحياة لمصر فحسب، وإنما أيضاً مبعث الراحة
والاسترخاء والاستجمام؛ فعليه تطل العديد من الفنادق الفاخرة والأندية
الاجتماعية والرياضية، وعلى ضفتيه ترسو مطاعم عائمة ثابتة ومتحركة، وعلى
صفحته تغدو الحافلات النهرية كوسيلة انتقال ممتعة بالإضافة إلى المراكب
متعددة الأشكال والأنواع رياضةً، أو ترفيهاً.
هذا النهر الرائع الذي يعتبر ثاني أطول أنهار العالم يشق أرض مصر من
الجنوب إلى الشمال ليتفرع إلى فرعين هما رشيد ودمياط. وعلى هذا النهر تقع
قاهرة المعز، تلك العاصمة التي حدد مكانها التاريخ واختارتها الجغرافيا
بساحل يصل إلى حوالي 5ر41 كم، يبدأ من حي الساحل شمالاً إلى حي حلوان
والتبين جنوباً...
المتاحف ... مجموعات أثرية شاهدة
يمكن للزائر أن يشاهد أكثر من 20 متحفاً في مصر، من أبرزها : المتحف
المصري الذي أنشئ عام 1897م وتم افتتاحه عام 1902م. وينفرد بمجموعة أثرية
فرعونية يرجع تاريخها إلى آلاف السنين ومن أروعها كنوز (توت عنخ آمون
وقاعة المومياء)، ويوجد فيه مكتبة كبيرة تضم مؤلفات الآثار والتاريخ
والحضارات والديانات بلغات مختلفة. والمتحف القبطي الذي أنشئ عام 1908
بمصر القديمة والذي يشتمل على مجموعة نادرة من آثار العهد المسيحي الأول،
وأهمها كتاب البشائر الأربعة (الإنجيل) بنسخته العربية. وهناك متحف الفن
الإسلامي الذي افتتح عام 1903م، وهو مبنى على طراز عربي حديث ويضم مجموعة
حافلة من التحف الإسلامية النادرة من مختلف العصور التي يتتبع بها الإنسان
تطور الحضارة الإسلامية. أما المتحف الحربي فيشغل مبنى قصر الحرم بداخل
قلعة صلاح الدين والذي أنشئ عام 1827م، وقد افتتح كمتحف عام 1937م وعنى
بعرض التاريخ العسكري وارتباطه بالتاريخ السياسي. ويعدّ متحف قصر الجوهرة
الذي أقامه محمد علي عام 1814م لاستقبالاته الرسمية وإدارة شؤون الدولة،
تحفة معمارية نادرة بنقوشه الذهبية، ويستخدم حالياً متحفاً لآثار محمد علي
وأسرته.
أســوار القاهــرة
تعتبر القاهرة المدينة الإسلامية الوحيدة التي أقيم لها ثلاثة أسوار على
فترات تاريخية معاقبة: سور جوهر الصقلي، وسور أمير الجيوش بدر الجمالي في
عهد الخليفة المستنصر بالله الفاطمي، وسور بهاء الدين قراقوش في عهد
الناصر صلاح الدين الأيوبي الذي بناه ليضم القاهرة والقطائع والعسكر
والفسطاط. وكانت للقاهرة ثمانية أبواب زالت معظمها، ولم يبقَ منها إلا
ثلاثة هي : (زويلة، الفتوح، النصر).
بانوراما حرب أكتوبر
مشروع ثقافي وحضاري وفني وسياحي كبيرأقيم لتخليد انتصارات مصر خلال حرب
أكتوبر 1973م، ويضم المشروع الذي أقيم على مساحة 5,7 فدّان مبنى رئيساً ذا
طابع إسلامي تُعرض فيه حرب أكتوبر بشكل بانوراما مجسّمة. وبه قاعتان تضمان
نماذج للأسلحة، وصوراً مجسمة لمسارح العمليات.
خان الخليلي ...
سوق الحرير والعطور والأقمشة
أنشأه الأمير جهاركس الخليلي أمير أخو السلطان الظاهر برقوق ـ مكان مقبرة
الخلفاء الفاطميين التي كانت تعرف باسم تربة الزعفرانة. وأوقف هذا الخان
على الفقراء. وفي عام 917هـ هدم السلطان الغوري خان الخليلي وأنشأ مكانه
حوانيت وربوعاً ووكالات. ويتم الوصول إليه من ثلاث بوابات، تعرضت للهدم
والبناء عدة مرات، ويعتبر خان الخليلي مركزاً عالمياً لبيع المنتجات
الجلدية والذهبية والخشبية، والزجاجية والعطور العتيقة والأقمشة الحريرية
المطرزة والتحف المقلدة من العاج والنحاس والسجاجيد.
أوابد مصر
تقع أهرامات الجيزة وأبو الهول على بعد 15 كم من قلب العاصمة القاهرة،
وتعتبر هذه المنطقة من أهم المزارات السياحية في مصر، إذ تضمُّ أشهر آثار
العالم.