مر التسويق المعاصر بتطورات متعاقبة وسريعة وواجه كثيراً من المتغيرات
والعوامل التي أثرت على المفاهيم التسويقية ، حيث شهدت هذه المفاهيم
تطورات مستمرة استجابة للتحولات الاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها
المجتمعات الحديثة .
فحتى نهاية القرن الماضي وخاصة بعد ظهور
واستقرار الثورة الصناعية كان اهتمام المشروعات موجهاُ بالدرجة الأولى إلى
وظيفة الإنتاج ، وعُرف التسويق آنذاك كموضوع من موضوعات إدارة الأعمال .
وفي الثلث الأول من القرن الحالي تزايدت معدلات الإنتاج في الدول الصناعية
وتحولت السوق إلى سوق مشترين ، وأصبحت المشروعات توجه اهتمامها إلى وظيفة
الترويج وتركز على مجهودات البيع وفنونه .
وفي بداية الخمسينيات
كانت الدول الصناعية قد عبرت مرحلة اقتصاديات الحرب ومن ثم بدأت معدلات
الإنتاج تتزايد مع تعدد وتنوع المنتجات لمقابلة التنوع في رغبات
المستهلكين ، وفي هذه الفترة بدأت المشروعات تسعى نحو تطبيق المفهوم
الحديث للتسويق ، والذي يعتبر أن رغبات وميول المستهلكين هي الأساس الذي
تدور حوله كافة المجهودات التسويقية .
ولقد شهد التسويق خلال
العقدين الماضيين تغييرات كبيرة عكست التطورات و التغيرات التي شهدها
العالم ، وانعكست على الفكر التسويقي، ومنها أزمة الطاقة ومشكلات التلوث
البيئي ومحاربة المنتجات الضارة ومشكل حماية المستهلك . ولقد ترتب على
بروز هذه العوامل ظهور المفهوم الاجتماعي للتسويق كآخر مرحلة معاصرة .
ويعتبر المفهوم التسويقي حديثاً على الفكر الإداري ، حيث أنه لم يظهر
بوضوح إلا بعد الحرب العالمية الثانية ، ويمثل المرحلة الثالثة من مراحل
تطور التسويق في الفكر الإداري . لذا قد يكون من المفيد تقديم إطلالة
سريعة على تلك المراحل ، للتعرف على سياق التطور في النشاط التسويقي. حيث
بدأت أغلب المنشآت في الدول الصناعية بمفهوم الإنتاج ثم حولت اهتمامها إلى
مفهوم آخر هو مفهوم البيع ثم انتقلت إلى المفهوم التسويقي .
وتتداخل هذه المرحلة – حالياً – مع مرحلة المفهوم الاجتماعي للتسويق ،
ويظهر الاختلاف بين المرحلتين الثالثة والرابعة في جزئية انعكاس السلعة أو
الخدمة على المجتمع ، أو بمعنى آخر إدخال البعد الاجتماعي في اتخاذ القرار
عند الإنتاج ، مثل : السجائر ، المشروبات الكحولية ، أفلام البورنو ،
الأيروسولات المؤثرة على طبقة الأوزون ...الخ .
• المرحلة الأولى : المفهوم الإنتاجي ( غير محدد – 1930 )
قبل هذه المرحلة كان النشاط التسويقي عبارة عن التجارة في شكل مقايضة سلعة
بأخرى . أما في ظل المفهوم الإنتاجي ، فإن المنشأة أساساً تهدف إلى زيادة
الإنتاج وتخفيض تكلفته من خلال التحسينات العلمية أي بتطبيق عناصر الإدارة
العلمية .
وهذا المفهوم يعتمد في نشأته على بداية ظهور الآلة البخارية
، وظهور المصانع التي جمعت وظيفة الإنتاج في مكان محدد بدلاً من تشتتها في
الورش الصغيرة و المنازل ، وعلى الرغم من بدايات التصنيع إلا أن كمية
المعروض كانت أقل من الطلب عليها ، مما جعل القائمين على إدارة تلك
المنشآت الصناعية لا يهتمون إلا بزيادة الكمية المطروحة من منتجاتهم
لعلمهم أن كل الكمية سيتم تصريفها .
وكان الشكل السائد للقائمين على
إدارة تلك المنشآت الصناعية هو الشكل الفني ، حيث كانت تلك المنشآت تتألف
أغلبية مجالس إدارتها من الفنيين : مهندسين ، مصممين …
وهذا التشكيل الفني الصرف يتمشى مع توجهات تلك المرحلة التي تهتم في المقام الأول بالإنتاج والمنتجات .
ويمكن تلخيص أهم سمات هذه المرحلة فيما يلي :
- الإنتاج أقل من الطلب ( طاقة إنتاجية محدودة ) .
- المنافسة محدودة .
- معظم الطبقة الإدارية العليا ( مهندسين ) .
- المنتجات الجيدة تبيع نفسها .
- المنتج عبارة عن مواصفات فنية .
- تغليب مصلحة المنشأة على مصلحة المستهلك ، لا سيما عند اتخاذ أي قرار متعلق بالتسعير .
- الأهداف قصيرة المدى ، والتركيز على تحقيق أعلى ربحية بصرف النظر عن مدى رضاء المستهلك،عدم وجود حماية للمستهلك .
• المرحلة الثانية : المفهوم البيعي ( 1930 – 1950 )
نظراً لزيادة المنشآت الصناعية ، والتوسع في الإنتاج ، فقد زاد الاهتمام
بالناحية الإنتاجية ( إي زيادة الإنتاج ) ، وفي نفس الوقت بدأ اهتمام
القائمين على إدارة تلك المنشآت بكيفية تصريف أكبر قدر ممكن من إنتاجهم ،
وذلك من خلال البيع و التحول إلى المفهوم البيعي وبداية ظهور بعض الوظائف
التسويقية الجديدة مثل : فن البيع والإعلان وطرق التوزيع ، وكان الهدف
منها تعظيم الربح لمالكي تلك المنشآت وذلك في المنافسة المتنامية بتنامي
عدد المنشآت الصناعية وتطور أدوات الإنتاج .
وكان النشاط التسويقي
يعتمد في تلك المرحلة على توصيل المنتجات إلى مراكز تجمع السكان عن طريق
نظام توزيع مكون من صغار التجار الذين يقومون بالتجميع والتقسيم حسب حاجة
المستهلكين المحليين .
ويمكن تلخيص أهم سمات هذه المرحلة فيما يلي :
- طاقة إنتاجية أعلى .
- زيادة وسائل الإعلام .
- دخل أكبر ( وفر أكبر يمكن صرفه على الأشياء الثانوية ) .
- ارتفاع المستويات التعليمية .
- ازدياد المنافسة .
- يتم تحقيق الربحية الأعلى من خلال حجم مبيعات أعلى .
- جانب المستهلك مازال ضعيفاً عند اتخاذ القرارات في المنشأة .
- أصبح الطلب على السلعة يحتاج مساندة إعلامية .
• المرحلة الثالثة : المفهوم التسويقي ( 1955 - )
بعد الحرب العالمية الثانية تحولت الإدارة عن المفهوم البيعي إلى المفهوم
التسويقي . وبدلاُ من العمل على بيع ما تنتجه المصانع ، حاولت الإدارة –
لأول مرة - أن تركز على أي الأنواع تنتج : سواء أن تستمر في إنتاج السلع
القديمة أو تطورها وتحسنها وتهذبها أو تقدم سلعاُ جديدة تضمن أن يطلبها
ويقبل عليها المستهلكون . وتبلور هذا الاتجاه الجديد في الاهتمام ببحوث
السوق ، دراسة السلعة ، دراسة المستهلك . كما بدأت المنشآت في إنشاء
إدارات للتسويق لكي تتولى الدفاع عن المفهوم الجديد للتسويق وتحتذي به ،
وبذلك أصبح التسويق الوظيفة الأساسية للإدارة .
ولقد اقترح بعض
الخبراء الاقتصاديين أن تصدر جميع القرارات التي تتخذها الإدارة وفقاً
للمفهوم التسويقي الحديث مع التركيز على المستهلك كضرورة لنجاح المشروعات
. بمعنى آخر أن المدخل التسويقي الحديث يؤكد على مشاركة المستهلك في تشكيل
القرارات الاقتصادية . فمن قبل هذه المرحلة كان المستهلك يستطيع أن يتصرف
رداً على قرارات الشركة إما بالشراء أو الامتناع عن الشراء ، ولكن في ظل
المفهوم التسويقي الحديث فإن تفضيل المستهلك له أكبر الأثر في عملية
التخطيط .
ومنذ عام 1970 خطت الثورة التسويقية خطوة أخرى للأمام فأصبح
التسويق فلسفة الرقابة على كل أنشطة المنشأة . بمعنى آخر : يتأثر التخطيط
المالي ، وتحديد الحجم في الأجل البعيد، وأهداف الربح ، بشكل كبير ،
بالاعتبارات التسويقية . وسوف يتركز النشاط الإنتاجي للشركات في المستقبل
على مقابلة حاجات ورغبات المستهلكين .
وسوف تجبر مستويات الربح
المنخفض في الشركات التي ما زالت تسير وفق مفاهيم تقليدية أن تتحول –
حالاً أو مستقبلاً – إلى المفهوم التسويقي الحديث .
وتتميز هذه
المرحلة بأن التسويق يحاول خلق طلب جديد بأسعار محددة ، إنتاج سلع ممتازة
عن طريق بحوث التسويق ، تصميم السلعة ، التغليف ، الترويج ، خدمات
المستهلك ، تحليل المبيعات .
ويمكن تلخيص أهم سمات هذه المرحلة فيما يلي :
- زيادة الطاقة الإنتاجية .
- أصبح المنتج = منافع للمستهلك ( وليس مجرد مواصفات فنية ) .
- تغير في البيئة الداخلية والخارجية .
- سلوك المستهلك أصبح حاسماً في تقرير مصلحة الشركة ، مما أصبح هناك نوعاً من التوازن بين مصلحة الشركة ومصلحة المستهلك .
- الربح يكون على المدى الطويل ، ومن خلال رضاء المستهلك .
- التكامل مع الأنشطة الأخرى للمشروع ( الإنتاج ، التمويل …)، وذلك بعد التكامل في الأنشطة التسويقية ذاتها .
- عجز جهاز التسويق عن تصريف منتجاته ، وظهور مصطلح المزيج التسويقي .
وبصفة عامة يمكن تركيز أهم النقاط التي يؤكدها المفهوم الحديث للتسويق في الجوانب الأساسية التالية :
• الجانب الأول : المستهلك ملك السوق :
يعتبر المستهلك نقطة البداية والنهاية لأي نشاط تسويقي ، إذ يتعين الفهم
الكامل لرغباته واحتياجاته ليتم ترجمتها بشكل سليم يحقق رضاه ، والذي يعبر
في نفس الوقت عن رضا المنشأة متمثلاُ في زيادة مبيعاتها وارتفاع مؤشرات
أدائها الاقتصادي .، مثل الربحية والإنتاجية …الخ .
• الجانب الثاني : وظيفة التسويق وظيفة متداخلة شاملة :
تم الإشارة سابقاً إلى أن إعداد البرنامج الإنتاجي أو الخدمي داخل المنشأة
يجب أن يستند إلى أساس يحكمه هو دراسة المستهلك ، وبناء كافة الجهود على
ضوابط تسويقية باعتبارها نقطة البدء .
وعلى هذا فإن انتهاج هذا
الأسلوب يمثل اتجاهاً صائباً يتم استكمال بناءه بالتخطيط بخطى متوازية
لبقية السياسات الأخرى انطلاقاُ من التداخل بينها على مختلف مراحلها
المتعددة وخاصة عند مرحلة التخطيط والتكامل الواجب إحداثه عند مرحلة
التنفيذ ضماناً للنتائج المحققة ووصولاً إلى الأغراض المستهدفة .
• الجانب الثالث : النشاط التسويقي جزء من كل :
يعد النشاط التسويقي جزءاً من النظام العام للمنشأة الذي يحوي مجموعة من
الأنشطة التي يتطلب تنفيذها جهوداً إدارية مكثفة يتم التخطيط لها بشكل
منسق مع بعضها البعض .
والجدير بالذكر أن هذا النشاط مرتبط بمجموعة من
المتغيرات لبيئية الداخلية والتي يمكن التحكم فيها ، مثل : الهيكل السلعي
، الأسعار ، والترويج والتوزيع ، والمتغيرات البيئية الخارجية حيث لا قدرة
لإدارة المنشأة على التحكم والسيطرة على تغيراتها مثل المتغيرات
الاقتصادية والاجتماعية والقانونية والبيئية والسياسية … وما شابه ذلك .
وهكذا فإن المفهوم التسويقي يعتمد على عقيدتين أساسيتين :
الأولى، أن كل التخطيط والسياسات والعمليات يجب أن توجه نحو العميل.
والثانية، أن هدف المشروع يجب أن يكون تحقيق حجم مربح من المبيعات. وفي
معناه الكامل يعتبر المفهوم التسويقي فلسفة للعمل تنص على أن إرضاء حاجات
العميل هو المبرر الاقتصادي والاجتماعي لوجود المشروع ولاستمرار بقائه .
ويمكن هنا أن نميز بين اصطلاح المفهوم التسويقي واصطلاح التسويق ،
فالمفهوم التسويقي عبارة عن فلسفة أو عبارة عن ميول أو طريقة تفكير. أما
التسويق فهو عملية أو مجموعة أنشطة ، ومن الطبيعي أن طريقة التفكير هي
التي تحدد مجموعة الأنشطة .
تحياتي ومحبتي للجميع
والعوامل التي أثرت على المفاهيم التسويقية ، حيث شهدت هذه المفاهيم
تطورات مستمرة استجابة للتحولات الاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها
المجتمعات الحديثة .
فحتى نهاية القرن الماضي وخاصة بعد ظهور
واستقرار الثورة الصناعية كان اهتمام المشروعات موجهاُ بالدرجة الأولى إلى
وظيفة الإنتاج ، وعُرف التسويق آنذاك كموضوع من موضوعات إدارة الأعمال .
وفي الثلث الأول من القرن الحالي تزايدت معدلات الإنتاج في الدول الصناعية
وتحولت السوق إلى سوق مشترين ، وأصبحت المشروعات توجه اهتمامها إلى وظيفة
الترويج وتركز على مجهودات البيع وفنونه .
وفي بداية الخمسينيات
كانت الدول الصناعية قد عبرت مرحلة اقتصاديات الحرب ومن ثم بدأت معدلات
الإنتاج تتزايد مع تعدد وتنوع المنتجات لمقابلة التنوع في رغبات
المستهلكين ، وفي هذه الفترة بدأت المشروعات تسعى نحو تطبيق المفهوم
الحديث للتسويق ، والذي يعتبر أن رغبات وميول المستهلكين هي الأساس الذي
تدور حوله كافة المجهودات التسويقية .
ولقد شهد التسويق خلال
العقدين الماضيين تغييرات كبيرة عكست التطورات و التغيرات التي شهدها
العالم ، وانعكست على الفكر التسويقي، ومنها أزمة الطاقة ومشكلات التلوث
البيئي ومحاربة المنتجات الضارة ومشكل حماية المستهلك . ولقد ترتب على
بروز هذه العوامل ظهور المفهوم الاجتماعي للتسويق كآخر مرحلة معاصرة .
ويعتبر المفهوم التسويقي حديثاً على الفكر الإداري ، حيث أنه لم يظهر
بوضوح إلا بعد الحرب العالمية الثانية ، ويمثل المرحلة الثالثة من مراحل
تطور التسويق في الفكر الإداري . لذا قد يكون من المفيد تقديم إطلالة
سريعة على تلك المراحل ، للتعرف على سياق التطور في النشاط التسويقي. حيث
بدأت أغلب المنشآت في الدول الصناعية بمفهوم الإنتاج ثم حولت اهتمامها إلى
مفهوم آخر هو مفهوم البيع ثم انتقلت إلى المفهوم التسويقي .
وتتداخل هذه المرحلة – حالياً – مع مرحلة المفهوم الاجتماعي للتسويق ،
ويظهر الاختلاف بين المرحلتين الثالثة والرابعة في جزئية انعكاس السلعة أو
الخدمة على المجتمع ، أو بمعنى آخر إدخال البعد الاجتماعي في اتخاذ القرار
عند الإنتاج ، مثل : السجائر ، المشروبات الكحولية ، أفلام البورنو ،
الأيروسولات المؤثرة على طبقة الأوزون ...الخ .
• المرحلة الأولى : المفهوم الإنتاجي ( غير محدد – 1930 )
قبل هذه المرحلة كان النشاط التسويقي عبارة عن التجارة في شكل مقايضة سلعة
بأخرى . أما في ظل المفهوم الإنتاجي ، فإن المنشأة أساساً تهدف إلى زيادة
الإنتاج وتخفيض تكلفته من خلال التحسينات العلمية أي بتطبيق عناصر الإدارة
العلمية .
وهذا المفهوم يعتمد في نشأته على بداية ظهور الآلة البخارية
، وظهور المصانع التي جمعت وظيفة الإنتاج في مكان محدد بدلاً من تشتتها في
الورش الصغيرة و المنازل ، وعلى الرغم من بدايات التصنيع إلا أن كمية
المعروض كانت أقل من الطلب عليها ، مما جعل القائمين على إدارة تلك
المنشآت الصناعية لا يهتمون إلا بزيادة الكمية المطروحة من منتجاتهم
لعلمهم أن كل الكمية سيتم تصريفها .
وكان الشكل السائد للقائمين على
إدارة تلك المنشآت الصناعية هو الشكل الفني ، حيث كانت تلك المنشآت تتألف
أغلبية مجالس إدارتها من الفنيين : مهندسين ، مصممين …
وهذا التشكيل الفني الصرف يتمشى مع توجهات تلك المرحلة التي تهتم في المقام الأول بالإنتاج والمنتجات .
ويمكن تلخيص أهم سمات هذه المرحلة فيما يلي :
- الإنتاج أقل من الطلب ( طاقة إنتاجية محدودة ) .
- المنافسة محدودة .
- معظم الطبقة الإدارية العليا ( مهندسين ) .
- المنتجات الجيدة تبيع نفسها .
- المنتج عبارة عن مواصفات فنية .
- تغليب مصلحة المنشأة على مصلحة المستهلك ، لا سيما عند اتخاذ أي قرار متعلق بالتسعير .
- الأهداف قصيرة المدى ، والتركيز على تحقيق أعلى ربحية بصرف النظر عن مدى رضاء المستهلك،عدم وجود حماية للمستهلك .
• المرحلة الثانية : المفهوم البيعي ( 1930 – 1950 )
نظراً لزيادة المنشآت الصناعية ، والتوسع في الإنتاج ، فقد زاد الاهتمام
بالناحية الإنتاجية ( إي زيادة الإنتاج ) ، وفي نفس الوقت بدأ اهتمام
القائمين على إدارة تلك المنشآت بكيفية تصريف أكبر قدر ممكن من إنتاجهم ،
وذلك من خلال البيع و التحول إلى المفهوم البيعي وبداية ظهور بعض الوظائف
التسويقية الجديدة مثل : فن البيع والإعلان وطرق التوزيع ، وكان الهدف
منها تعظيم الربح لمالكي تلك المنشآت وذلك في المنافسة المتنامية بتنامي
عدد المنشآت الصناعية وتطور أدوات الإنتاج .
وكان النشاط التسويقي
يعتمد في تلك المرحلة على توصيل المنتجات إلى مراكز تجمع السكان عن طريق
نظام توزيع مكون من صغار التجار الذين يقومون بالتجميع والتقسيم حسب حاجة
المستهلكين المحليين .
ويمكن تلخيص أهم سمات هذه المرحلة فيما يلي :
- طاقة إنتاجية أعلى .
- زيادة وسائل الإعلام .
- دخل أكبر ( وفر أكبر يمكن صرفه على الأشياء الثانوية ) .
- ارتفاع المستويات التعليمية .
- ازدياد المنافسة .
- يتم تحقيق الربحية الأعلى من خلال حجم مبيعات أعلى .
- جانب المستهلك مازال ضعيفاً عند اتخاذ القرارات في المنشأة .
- أصبح الطلب على السلعة يحتاج مساندة إعلامية .
• المرحلة الثالثة : المفهوم التسويقي ( 1955 - )
بعد الحرب العالمية الثانية تحولت الإدارة عن المفهوم البيعي إلى المفهوم
التسويقي . وبدلاُ من العمل على بيع ما تنتجه المصانع ، حاولت الإدارة –
لأول مرة - أن تركز على أي الأنواع تنتج : سواء أن تستمر في إنتاج السلع
القديمة أو تطورها وتحسنها وتهذبها أو تقدم سلعاُ جديدة تضمن أن يطلبها
ويقبل عليها المستهلكون . وتبلور هذا الاتجاه الجديد في الاهتمام ببحوث
السوق ، دراسة السلعة ، دراسة المستهلك . كما بدأت المنشآت في إنشاء
إدارات للتسويق لكي تتولى الدفاع عن المفهوم الجديد للتسويق وتحتذي به ،
وبذلك أصبح التسويق الوظيفة الأساسية للإدارة .
ولقد اقترح بعض
الخبراء الاقتصاديين أن تصدر جميع القرارات التي تتخذها الإدارة وفقاً
للمفهوم التسويقي الحديث مع التركيز على المستهلك كضرورة لنجاح المشروعات
. بمعنى آخر أن المدخل التسويقي الحديث يؤكد على مشاركة المستهلك في تشكيل
القرارات الاقتصادية . فمن قبل هذه المرحلة كان المستهلك يستطيع أن يتصرف
رداً على قرارات الشركة إما بالشراء أو الامتناع عن الشراء ، ولكن في ظل
المفهوم التسويقي الحديث فإن تفضيل المستهلك له أكبر الأثر في عملية
التخطيط .
ومنذ عام 1970 خطت الثورة التسويقية خطوة أخرى للأمام فأصبح
التسويق فلسفة الرقابة على كل أنشطة المنشأة . بمعنى آخر : يتأثر التخطيط
المالي ، وتحديد الحجم في الأجل البعيد، وأهداف الربح ، بشكل كبير ،
بالاعتبارات التسويقية . وسوف يتركز النشاط الإنتاجي للشركات في المستقبل
على مقابلة حاجات ورغبات المستهلكين .
وسوف تجبر مستويات الربح
المنخفض في الشركات التي ما زالت تسير وفق مفاهيم تقليدية أن تتحول –
حالاً أو مستقبلاً – إلى المفهوم التسويقي الحديث .
وتتميز هذه
المرحلة بأن التسويق يحاول خلق طلب جديد بأسعار محددة ، إنتاج سلع ممتازة
عن طريق بحوث التسويق ، تصميم السلعة ، التغليف ، الترويج ، خدمات
المستهلك ، تحليل المبيعات .
ويمكن تلخيص أهم سمات هذه المرحلة فيما يلي :
- زيادة الطاقة الإنتاجية .
- أصبح المنتج = منافع للمستهلك ( وليس مجرد مواصفات فنية ) .
- تغير في البيئة الداخلية والخارجية .
- سلوك المستهلك أصبح حاسماً في تقرير مصلحة الشركة ، مما أصبح هناك نوعاً من التوازن بين مصلحة الشركة ومصلحة المستهلك .
- الربح يكون على المدى الطويل ، ومن خلال رضاء المستهلك .
- التكامل مع الأنشطة الأخرى للمشروع ( الإنتاج ، التمويل …)، وذلك بعد التكامل في الأنشطة التسويقية ذاتها .
- عجز جهاز التسويق عن تصريف منتجاته ، وظهور مصطلح المزيج التسويقي .
وبصفة عامة يمكن تركيز أهم النقاط التي يؤكدها المفهوم الحديث للتسويق في الجوانب الأساسية التالية :
• الجانب الأول : المستهلك ملك السوق :
يعتبر المستهلك نقطة البداية والنهاية لأي نشاط تسويقي ، إذ يتعين الفهم
الكامل لرغباته واحتياجاته ليتم ترجمتها بشكل سليم يحقق رضاه ، والذي يعبر
في نفس الوقت عن رضا المنشأة متمثلاُ في زيادة مبيعاتها وارتفاع مؤشرات
أدائها الاقتصادي .، مثل الربحية والإنتاجية …الخ .
• الجانب الثاني : وظيفة التسويق وظيفة متداخلة شاملة :
تم الإشارة سابقاً إلى أن إعداد البرنامج الإنتاجي أو الخدمي داخل المنشأة
يجب أن يستند إلى أساس يحكمه هو دراسة المستهلك ، وبناء كافة الجهود على
ضوابط تسويقية باعتبارها نقطة البدء .
وعلى هذا فإن انتهاج هذا
الأسلوب يمثل اتجاهاً صائباً يتم استكمال بناءه بالتخطيط بخطى متوازية
لبقية السياسات الأخرى انطلاقاُ من التداخل بينها على مختلف مراحلها
المتعددة وخاصة عند مرحلة التخطيط والتكامل الواجب إحداثه عند مرحلة
التنفيذ ضماناً للنتائج المحققة ووصولاً إلى الأغراض المستهدفة .
• الجانب الثالث : النشاط التسويقي جزء من كل :
يعد النشاط التسويقي جزءاً من النظام العام للمنشأة الذي يحوي مجموعة من
الأنشطة التي يتطلب تنفيذها جهوداً إدارية مكثفة يتم التخطيط لها بشكل
منسق مع بعضها البعض .
والجدير بالذكر أن هذا النشاط مرتبط بمجموعة من
المتغيرات لبيئية الداخلية والتي يمكن التحكم فيها ، مثل : الهيكل السلعي
، الأسعار ، والترويج والتوزيع ، والمتغيرات البيئية الخارجية حيث لا قدرة
لإدارة المنشأة على التحكم والسيطرة على تغيراتها مثل المتغيرات
الاقتصادية والاجتماعية والقانونية والبيئية والسياسية … وما شابه ذلك .
وهكذا فإن المفهوم التسويقي يعتمد على عقيدتين أساسيتين :
الأولى، أن كل التخطيط والسياسات والعمليات يجب أن توجه نحو العميل.
والثانية، أن هدف المشروع يجب أن يكون تحقيق حجم مربح من المبيعات. وفي
معناه الكامل يعتبر المفهوم التسويقي فلسفة للعمل تنص على أن إرضاء حاجات
العميل هو المبرر الاقتصادي والاجتماعي لوجود المشروع ولاستمرار بقائه .
ويمكن هنا أن نميز بين اصطلاح المفهوم التسويقي واصطلاح التسويق ،
فالمفهوم التسويقي عبارة عن فلسفة أو عبارة عن ميول أو طريقة تفكير. أما
التسويق فهو عملية أو مجموعة أنشطة ، ومن الطبيعي أن طريقة التفكير هي
التي تحدد مجموعة الأنشطة .
تحياتي ومحبتي للجميع