إعلم أنّ
الكواكب السيّارة مع الأرض كانت قطعة واحدة أي أرضاً واحدة ، ثمّ تشقّقَت
فصارت تسع قطع ، فإحدى تلك التسع هي أرضنا ، وأمّا الثمانية الباقية فهي
عطارد والزهرة والمرّيخ والمشتري وزحل وأورانوس ونبتون وكوكب "النجيمات"
الذي تمزّق . وتلك الأرض كانت شمساً في قديم الزمان ولمّا انتهت حياتُها
برد وجهها فصارت أرضاً، ثمّ انفجرت فصارت تسع قطع وأخذت هذه القطع تدور
حول شمس جديدة .
إذاً
السيّارات من جنس أرضنا وتكوينها مع تكوين أرضنا ، وفيهنّ من الجبال
والبحار والأشجار والأحياء كما في أرضنا ، وتقوم قيامتهنّ دفعة واحدة ،
لأنّ السيّارات مجذوبات للشمس فإذا انتهت حياة الشمس حينئذٍ تكون أرضاً
جديدة حيث يبرد وجهها ثمّ تتشقّق كما تشقّقت أرضنا من قبلها، وكذلك
سيّاراتها تتمزّق معها . قال الله تعالى في سورة الأنبياء {أَوَلَمْ
يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا
رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ
أَفَلَا يُؤْمِنُونَ}، فقوله تعالى {كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا} يعني كانت شمساً واحدة فشقّقناها وجعلناها قطعاً كثيرة ، لأنّ الرتق ضدّ الفتق ، وقال تعالى في سورة الأنعام {قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ .. إلخ } ، فقوله تعالى {فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} يعني مشقِّقهما ومقطِّعهما بعد ما كانت قطعة واحدة ، فالفطر هو الشقّ ، ومن ذلك قول الخنساء :
وقال امرؤ القيس :
وقال الله تعالى في سورة الأنعام عن لسان إبراهيم {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} ، وقال تعالى في سورة الإسراء عن لسان لقمان {وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً}
، فالخرق هو الشقّ ، والمعنى : إنّك لن تشقّ الأرض فتتكبّر وتمشي مرحاً ،
بل الله هو الذي شقّقها وجعلَها سيّارات تدور حول الشمس . وقال تعالى في
سورة الطارق {وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ} ، فالصدع هو الشقّ ، ومن ذلك قول الشاعر اليماني :
وقالت الخنساء :
وقال الأعشى :
فقوله تعالى {وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ
} هذه صفة للأرض بأنّها ذات الصدع أي من صفتها التصدّع ، فإنّها تصدّعت في
بدء تكوينها وسوف تتصدّع عند منتهى حياتها، ويكون ذلك يوم القيامة . فهذه
الآيات كلّها تدلّ على أنّ السيّارات والأرض كانتا قطعة واحدة فشقّقها
وجعلَها قطعاً كثيرة ، ويتشقّقنَ يوم القيامة أيضاً .
س 7 :
إذا كانت السيّارات أراضي كأرضنا وفيها أحياء ومياه ونبات وجبال وغير ذلك
، إذاً لماذا نراها صغيرة الأحجام فلا يتجاوز حجم إحداهنّ بيضة دجاجة ؟
ج :
لا يخفى على كلّ عاقل بأنّ الأجرام كلّما ابتعدت عنّا نراها صغيرة وكلّما
اقتربت نراها أكبر حجماً ، فكذلك الكواكب السيّارة نراها صغيرة لبعده عنّا
. ولو كان أحدنا في المرّيخ أو غيره من الكواكب السيّارة لرأى الأرض
كأنّها كوكب مضيء .
س 8 : إذا كانت الكواكب السيّارة أراضي كأرضنا ، إذاً فما هذا الضياء الذي فيها .
ج :
إنّ السيّارات مع الأقمار والنيازك ليس فيها ضياء ، ولكنّ الضياء يأتيها
من الشمس ، كالمرآة إذا وضعت في الشمس ، فهذه الأجرام فيها مياه وأحجار
ورمال فإذا وقعت عليها أشعّة الشمس أخذت تضيء كما تضيء المرآة ، وهذا شيءٌ
معروف عند الفلكيّين ولا ينكره أحد من العلماء
[خطأ الفلكيّين والجيولوجيّين حول أصل الأرض ]
يقول
بعض الفلكيّين أنّ الأرض مع باقي السيّارات تساقطت من الشمس على هيئة
شرارات ثمّ بردت على مرِّ السنين وصارت أراضي . وأقول هذه النظريّة خطأ
حيث – [أوّلاً :] لو كانت شرارات كما يزعمون إذاً لَما اقتصرت على تسع ،
بل لَكان شررُها متّصلاً على مرّ السنين . ثانياً : ينبغي أن تكون
شراراتها متساوية في الأحجام أو متقاربة على الأقلّ ، فلماذا نرى عطارد
أصغر من الأرض بينما المشتري يقدّرونه أكبر من الأرض (1350)
مرّة ( وأنا أقول بقدر الأرض اثنتي عشرة مرّةً لا أكثر ) . ثالثاً : ينبغي
أن تكون الشرارة مستطيلة لا كرويّة ، رابعاً : إنّ الشرارة لا تدور حول
نفسِها بل تسبح في الفضاء ، فكيف تكون السيّارات بعكس ذلك؟ ثمّ إنّ
الأجرام الساخنة الملتهبة تكون فيها قوّة جاذبة وتكون في حركة مستمرّة ،
أي أنّها تدور حول نفسِها من اليمين إلى الشمال ،فالشمس بسبب دورانِها حول
نفسِها وبسبب جاذبيّتِها لا يمكن أن تنفصل منها كتل إلى الفضاء فتكون
سيّارات لأنّ الجاذبيّة التي فيها [ تجعلها] محتفظة بحجمِها ، ثمّ
دورانُها حول نفسِها يمنع انفصال كتلة منها .
وأقول
إنّ الأرض لم تنفصلْ من شمسِنا الحاليّة بل هي مع باقي السيّارات كانت
شمساً واحدةً غير شمسنا الحاليّة ، ولَمّا انتهت حياتُها أخذ وجهها يبرد
شيئاً فشيئاً وبمدّة ألفَي سنة تكوّنت لَها قشرة باردة فصارت أرضاً ، ومن
المعلوم أنّ الشمس تنبعث منها غازات مدى حياتِها ، ولَمّا تكوّنت لَها
قشرة أرضيّة عند برودة وجهِها ، منعت تلك القشرة خروج الغازات فصارت تجتمع
في جوفِها وتضغط القشرة الباردة لتلك الشمس ، ولَمّا زاد الضغط انفجرت
فصارت تسع قطع ، ولَمّا كان في الفضاء شموس أخرى انجذبت تلك القطع إلى
أقرب شمس لَها وأخذت تدور حولَها ، وبعد مرور السنين بردَ وجه تلك القطع
تماماً فصارت أراضي ، وخلق الله تعالى فيهنّ أحياءً وجبالاً ومياهاً
وأشجاراً وغير ذلك ، فأرضنا واحدة من تلك القطع التسع ، وشمسنا منهجها
كمنهج ما مضى قبلَها من الشموس .
والشمس
التي انتهت حياتُها كانت لَها سيّارات أيضاً ، ولكن لَمّا تشقّقت تمزّقت
سيّاراتُها معها فصارت نيازك . وكذلك سيّاراتنا الحاليّة فإنّها ستتمزّق
وتكون نيازك وذلك حين تتشقّق شمسنا الحاليّة .
والدليل على ذلك قوله تعالى في سورة الأنبياء {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا .. إلخ }، وقال عزّ من قائل في سورة فصلت {قُلْ
أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ
وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ . وَجَعَلَ
فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا
أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ . ثُمَّ
اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ
اِئْتِيَا طَوْعًا أَوكَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ . فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ .. إلخ } فقوله تعالى {خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ
} يعني في ألفَي سنة لأنّ اليوم الواحد من أيّام الله تعالى يقابل ألف سنة
من أيّامنا ، وقد جاء في الزبور – المزمور التسعون صلاة لموسى قال : "أنت الله ترجع الإنسان إلى الغبار وتقول ارجعوا يا بني آدم ، لأنّ ألف سنةٍ في عينيك مثل يومٍ " ، والخلقة هي الاستحالة من شيءٍ إلى شيءٍ آخر، فقوله تعالى{خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ
} يعني أحالَها إلى أرضٍ بعد ما كانت شمساً ، وذلك بمدّة ألفَي سنة وهذه
المدّة التي برد فيها وجه تلك الشمس التي انتهت حياتها ، وأمّا قوله تعالى
{وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا}
الرواسي هي الجبال ، وذلك لَمّا تشقّقت تلك الشمس التي صارت أرضاً أخذت
النيازك تتساقط عليها فصارت جبالاً ، فأكثر الجبال التي على وجه الأرض
أصلها نيازك ، وأمّا قوله تعالى {وَبَارَكَ فِيهَا} أي زاد في حجمها وذلك بعدّة أشياء :
أوّلاً – أخذت القشرة الأرضيّة تزداد برودتُها شيئاً فشيئاً ،
ثانياً – سقوط النيازك زاد في حجمِها ،
ثالثاً
– سقوط الذرّات عليها (وهي الذرّات التي نراها في أشعّة الشمس إذا دخلت في
الغرفة من النافذة) ومنشأ هذه الذرّات من نيازك تناثرت أجزاؤها في الفضاء
بعد أن قامت قيامتُها ،
رابعاً
– الفلزّات زادت بحجمِها باتّحادها مع العناصر الأخرى ، مثلاً : الأوكسجين
يتّحد مع الحديد فيزيد في حجمه وينتج من ذلك أوكسيد الحديد ؛ وثاني أوكسيد
الكاربون يتّحد مع الكلس مكوّناً كاربونات الكالسيوم ؛ والنتروجين يتّحد
مع الصوديوم والبوتاسيوم مكوّناً نترات الصوديوم ونترات البوتاسيوم .
وهكذا تتّحد الغازات مع أكثر الفلزات فتزيد أحجامها ، وبذلك أخذ جرم الأرض
يزداد بمرور السنين والدهور . وأمّا قوله تعالى {وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا}
أي أنزل المياه عليها وخلق النبات والأشجار والحيوان وجعلَها رزقاً
لِلإنسان ، والمعنى : قدّر أن تكون هذه الأشياء رزقاً لِلإنسان إذا خلقَه
على الأرض ، فإنّه تعالى خلقَ الأشياء وأعدّها لِإنسان قبل أنْ يخلقَ
الإنسان عليها كما خلقَ الثديَين لِلمرأة قبل أن يخلقَ الجنين في بطنِها ،
وأمّا قوله تعالى {فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ}
معناه خلقَ كلّ ذلك في مدّة أربعة آلاف سنة فصار المجموع ستّة آلاف سنة ؛
حيث تمّت برودة الأرض بمدّة ألفَي سنة كما قال تعالى في سورة السجدة {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ .. إلخ } ، فالسماوات والأرض يريد بِها السيّارات .
ونظير هذه الآيات قوله تعالى في سورة النازعات {أَأَنتُمْ
أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاء بَنَاهَا . رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا
. وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا . وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ
دَحَاهَا .أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا . وَالْجِبَالَ
أَرْسَاهَا . مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ} ، وإنّما أضاف اللّيل والنهار إلى السماء بقوله {وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا} لأنّ أشعة الشمس تضرب على الطبقات الغازيّة فتعكسها الغازات إلى الأرض ، وقوله {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا}
أي زاد في قشرتِها الباردة ، ولا تزال هذه الكلمة مستعملة عند العرب إذ
يقول لصاحبه : "إملأ الكيس دقيقاً وادحيه " ، أي زدْ عليه من الدقيق حتّى
يمتلئ تماماً ، ومن ذلك قول أميّة بن أبي الصلت :
ومعناه : دارٌ ملأها بالأمتعة والأطعمة ثمّ سدّ بابها وأقام بالأخرى التي هي أحسن منها ، وقال تعالى في سورة ق {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} ، فقوله تعالى{وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا} أي مدّها بالمياه والذرّات والغازات وبذلك زاد حجمها ، وهذه نظير قوله {وَبَارَكَ فِيهَا} ونظير قوله {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} فالمدَد هو إعطاء الشيء بكثرة على الدوام ، كقوله تعالى في سورة الإسراء {وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا} ، وقال حسّان :
وقال عنترة :
وقال الله تعالى في سورة الحجر {وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ} ، وقال تعالى في سورة الرعد{وَهُو الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ .. إلخ }‘ فهذه الآيات متقاربات في المعنى ومختلفات في الألفاظ .
س 9 : قال الله تعالى {أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا} ، أليسَت المياه أمطاراً تنزل من السماء ، وإذا كانت الأرض جرماً ملتهباً فكيف تخرج المياه من النار ؟
ج : لا يخفى على مَن درس علم الكيمياء بأنّ الماء مركّب من الأوكسجين
والهيدروجين ، وقد قلنا أنّ هذه الغازات انبعثت من الأرض ، وأنّها تتبخّر
بحرارة الشمس فترتفع في السماء ثمّ تكون مطراً بسبب برودة الجو وتنزل إلى
الأرض ثانيةً .
س 10 : قال الله تعالى في سورة الزمر{وَمَا
قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ
وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} ، فما معنى قوله {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا} على أنّ الأرض واحدة ولو فرضنا أنّ في الكون أراضي كثيرة فينبغي أن يقول : والأرضون جميعاً قبضته يوم القيامة ؟
ج : قوله تعالى{وَالْأَرْضُ} يريد بِها السيّارات كلّها ، ولذلك قال {جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}، والمعنى أنّ الأرض المتمزّقة التي أصبحت سيّارات كلّها تكون قبضته يوم القيامة . {وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ}
السماوات هنا يريد بِها الطبقات الغازيّة حيث جاء ذكرها بعد ذكر الأرض .
وإليك مثل : لو اشتريت بطّيخة بدرهم وسألك سائل بكم اشتريتها ، فلا يصحّ
أن تقول كلّها بدرهم ، لأنّها واحدة ولا حاجة لقولك "كلّها" ، ولكن إذا
جزّأتها إلى تسعة أجزاء وسألك أحد : بكم اشتريتها ، فهنا يصحّ أن تقول
كلّها بدرهم ، وذلك لئلاّ يتوهّم أنّك اشتريت جزءً منها بدرهم ، فكذلك
قوله تعالى {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}
http://www.alkawn.site.io/
الكواكب السيّارة مع الأرض كانت قطعة واحدة أي أرضاً واحدة ، ثمّ تشقّقَت
فصارت تسع قطع ، فإحدى تلك التسع هي أرضنا ، وأمّا الثمانية الباقية فهي
عطارد والزهرة والمرّيخ والمشتري وزحل وأورانوس ونبتون وكوكب "النجيمات"
الذي تمزّق . وتلك الأرض كانت شمساً في قديم الزمان ولمّا انتهت حياتُها
برد وجهها فصارت أرضاً، ثمّ انفجرت فصارت تسع قطع وأخذت هذه القطع تدور
حول شمس جديدة .
إذاً
السيّارات من جنس أرضنا وتكوينها مع تكوين أرضنا ، وفيهنّ من الجبال
والبحار والأشجار والأحياء كما في أرضنا ، وتقوم قيامتهنّ دفعة واحدة ،
لأنّ السيّارات مجذوبات للشمس فإذا انتهت حياة الشمس حينئذٍ تكون أرضاً
جديدة حيث يبرد وجهها ثمّ تتشقّق كما تشقّقت أرضنا من قبلها، وكذلك
سيّاراتها تتمزّق معها . قال الله تعالى في سورة الأنبياء {أَوَلَمْ
يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا
رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ
أَفَلَا يُؤْمِنُونَ}، فقوله تعالى {كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا} يعني كانت شمساً واحدة فشقّقناها وجعلناها قطعاً كثيرة ، لأنّ الرتق ضدّ الفتق ، وقال تعالى في سورة الأنعام {قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ .. إلخ } ، فقوله تعالى {فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} يعني مشقِّقهما ومقطِّعهما بعد ما كانت قطعة واحدة ، فالفطر هو الشقّ ، ومن ذلك قول الخنساء :
فبل على صخرٍ صخرَ الندى وما انفطرَ القلبُ حتّى تعزَّى
وقال امرؤ القيس :
بَرَهْرَةٌ رَودةٌ رَخصةٌ كخرعوبةِ البانةِ المنفطر
وقال الله تعالى في سورة الأنعام عن لسان إبراهيم {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} ، وقال تعالى في سورة الإسراء عن لسان لقمان {وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً}
، فالخرق هو الشقّ ، والمعنى : إنّك لن تشقّ الأرض فتتكبّر وتمشي مرحاً ،
بل الله هو الذي شقّقها وجعلَها سيّارات تدور حول الشمس . وقال تعالى في
سورة الطارق {وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ} ، فالصدع هو الشقّ ، ومن ذلك قول الشاعر اليماني :
أم أينَ ذو الشِّعبَينِ أصبحَ صدعُهُ لمْ يلتئمْ لِمثقَّفِ الأقداحِ
وقالت الخنساء :
إنّي تذكّرتُه والّليلُ معتكِرٌ فَفي فؤاديَ صدعٌ غيرُ مشعوبِ
وقال الأعشى :
وباتتْ وقد أورَثَتْ في الفؤادِ صدعاً على نأيِها مستطيرا
كصدعِ الزجاجةِ ما يستطيعُ كفّ الصّناعِ لَها أنْ تحيرا
كصدعِ الزجاجةِ ما يستطيعُ كفّ الصّناعِ لَها أنْ تحيرا
فقوله تعالى {وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ
} هذه صفة للأرض بأنّها ذات الصدع أي من صفتها التصدّع ، فإنّها تصدّعت في
بدء تكوينها وسوف تتصدّع عند منتهى حياتها، ويكون ذلك يوم القيامة . فهذه
الآيات كلّها تدلّ على أنّ السيّارات والأرض كانتا قطعة واحدة فشقّقها
وجعلَها قطعاً كثيرة ، ويتشقّقنَ يوم القيامة أيضاً .
س 7 :
إذا كانت السيّارات أراضي كأرضنا وفيها أحياء ومياه ونبات وجبال وغير ذلك
، إذاً لماذا نراها صغيرة الأحجام فلا يتجاوز حجم إحداهنّ بيضة دجاجة ؟
ج :
لا يخفى على كلّ عاقل بأنّ الأجرام كلّما ابتعدت عنّا نراها صغيرة وكلّما
اقتربت نراها أكبر حجماً ، فكذلك الكواكب السيّارة نراها صغيرة لبعده عنّا
. ولو كان أحدنا في المرّيخ أو غيره من الكواكب السيّارة لرأى الأرض
كأنّها كوكب مضيء .
س 8 : إذا كانت الكواكب السيّارة أراضي كأرضنا ، إذاً فما هذا الضياء الذي فيها .
ج :
إنّ السيّارات مع الأقمار والنيازك ليس فيها ضياء ، ولكنّ الضياء يأتيها
من الشمس ، كالمرآة إذا وضعت في الشمس ، فهذه الأجرام فيها مياه وأحجار
ورمال فإذا وقعت عليها أشعّة الشمس أخذت تضيء كما تضيء المرآة ، وهذا شيءٌ
معروف عند الفلكيّين ولا ينكره أحد من العلماء
[خطأ الفلكيّين والجيولوجيّين حول أصل الأرض ]
يقول
بعض الفلكيّين أنّ الأرض مع باقي السيّارات تساقطت من الشمس على هيئة
شرارات ثمّ بردت على مرِّ السنين وصارت أراضي . وأقول هذه النظريّة خطأ
حيث – [أوّلاً :] لو كانت شرارات كما يزعمون إذاً لَما اقتصرت على تسع ،
بل لَكان شررُها متّصلاً على مرّ السنين . ثانياً : ينبغي أن تكون
شراراتها متساوية في الأحجام أو متقاربة على الأقلّ ، فلماذا نرى عطارد
أصغر من الأرض بينما المشتري يقدّرونه أكبر من الأرض (1350)
مرّة ( وأنا أقول بقدر الأرض اثنتي عشرة مرّةً لا أكثر ) . ثالثاً : ينبغي
أن تكون الشرارة مستطيلة لا كرويّة ، رابعاً : إنّ الشرارة لا تدور حول
نفسِها بل تسبح في الفضاء ، فكيف تكون السيّارات بعكس ذلك؟ ثمّ إنّ
الأجرام الساخنة الملتهبة تكون فيها قوّة جاذبة وتكون في حركة مستمرّة ،
أي أنّها تدور حول نفسِها من اليمين إلى الشمال ،فالشمس بسبب دورانِها حول
نفسِها وبسبب جاذبيّتِها لا يمكن أن تنفصل منها كتل إلى الفضاء فتكون
سيّارات لأنّ الجاذبيّة التي فيها [ تجعلها] محتفظة بحجمِها ، ثمّ
دورانُها حول نفسِها يمنع انفصال كتلة منها .
وأقول
إنّ الأرض لم تنفصلْ من شمسِنا الحاليّة بل هي مع باقي السيّارات كانت
شمساً واحدةً غير شمسنا الحاليّة ، ولَمّا انتهت حياتُها أخذ وجهها يبرد
شيئاً فشيئاً وبمدّة ألفَي سنة تكوّنت لَها قشرة باردة فصارت أرضاً ، ومن
المعلوم أنّ الشمس تنبعث منها غازات مدى حياتِها ، ولَمّا تكوّنت لَها
قشرة أرضيّة عند برودة وجهِها ، منعت تلك القشرة خروج الغازات فصارت تجتمع
في جوفِها وتضغط القشرة الباردة لتلك الشمس ، ولَمّا زاد الضغط انفجرت
فصارت تسع قطع ، ولَمّا كان في الفضاء شموس أخرى انجذبت تلك القطع إلى
أقرب شمس لَها وأخذت تدور حولَها ، وبعد مرور السنين بردَ وجه تلك القطع
تماماً فصارت أراضي ، وخلق الله تعالى فيهنّ أحياءً وجبالاً ومياهاً
وأشجاراً وغير ذلك ، فأرضنا واحدة من تلك القطع التسع ، وشمسنا منهجها
كمنهج ما مضى قبلَها من الشموس .
والشمس
التي انتهت حياتُها كانت لَها سيّارات أيضاً ، ولكن لَمّا تشقّقت تمزّقت
سيّاراتُها معها فصارت نيازك . وكذلك سيّاراتنا الحاليّة فإنّها ستتمزّق
وتكون نيازك وذلك حين تتشقّق شمسنا الحاليّة .
والدليل على ذلك قوله تعالى في سورة الأنبياء {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا .. إلخ }، وقال عزّ من قائل في سورة فصلت {قُلْ
أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ
وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ . وَجَعَلَ
فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا
أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ . ثُمَّ
اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ
اِئْتِيَا طَوْعًا أَوكَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ . فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ .. إلخ } فقوله تعالى {خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ
} يعني في ألفَي سنة لأنّ اليوم الواحد من أيّام الله تعالى يقابل ألف سنة
من أيّامنا ، وقد جاء في الزبور – المزمور التسعون صلاة لموسى قال : "أنت الله ترجع الإنسان إلى الغبار وتقول ارجعوا يا بني آدم ، لأنّ ألف سنةٍ في عينيك مثل يومٍ " ، والخلقة هي الاستحالة من شيءٍ إلى شيءٍ آخر، فقوله تعالى{خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ
} يعني أحالَها إلى أرضٍ بعد ما كانت شمساً ، وذلك بمدّة ألفَي سنة وهذه
المدّة التي برد فيها وجه تلك الشمس التي انتهت حياتها ، وأمّا قوله تعالى
{وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا}
الرواسي هي الجبال ، وذلك لَمّا تشقّقت تلك الشمس التي صارت أرضاً أخذت
النيازك تتساقط عليها فصارت جبالاً ، فأكثر الجبال التي على وجه الأرض
أصلها نيازك ، وأمّا قوله تعالى {وَبَارَكَ فِيهَا} أي زاد في حجمها وذلك بعدّة أشياء :
أوّلاً – أخذت القشرة الأرضيّة تزداد برودتُها شيئاً فشيئاً ،
ثانياً – سقوط النيازك زاد في حجمِها ،
ثالثاً
– سقوط الذرّات عليها (وهي الذرّات التي نراها في أشعّة الشمس إذا دخلت في
الغرفة من النافذة) ومنشأ هذه الذرّات من نيازك تناثرت أجزاؤها في الفضاء
بعد أن قامت قيامتُها ،
رابعاً
– الفلزّات زادت بحجمِها باتّحادها مع العناصر الأخرى ، مثلاً : الأوكسجين
يتّحد مع الحديد فيزيد في حجمه وينتج من ذلك أوكسيد الحديد ؛ وثاني أوكسيد
الكاربون يتّحد مع الكلس مكوّناً كاربونات الكالسيوم ؛ والنتروجين يتّحد
مع الصوديوم والبوتاسيوم مكوّناً نترات الصوديوم ونترات البوتاسيوم .
وهكذا تتّحد الغازات مع أكثر الفلزات فتزيد أحجامها ، وبذلك أخذ جرم الأرض
يزداد بمرور السنين والدهور . وأمّا قوله تعالى {وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا}
أي أنزل المياه عليها وخلق النبات والأشجار والحيوان وجعلَها رزقاً
لِلإنسان ، والمعنى : قدّر أن تكون هذه الأشياء رزقاً لِلإنسان إذا خلقَه
على الأرض ، فإنّه تعالى خلقَ الأشياء وأعدّها لِإنسان قبل أنْ يخلقَ
الإنسان عليها كما خلقَ الثديَين لِلمرأة قبل أن يخلقَ الجنين في بطنِها ،
وأمّا قوله تعالى {فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ}
معناه خلقَ كلّ ذلك في مدّة أربعة آلاف سنة فصار المجموع ستّة آلاف سنة ؛
حيث تمّت برودة الأرض بمدّة ألفَي سنة كما قال تعالى في سورة السجدة {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ .. إلخ } ، فالسماوات والأرض يريد بِها السيّارات .
ونظير هذه الآيات قوله تعالى في سورة النازعات {أَأَنتُمْ
أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاء بَنَاهَا . رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا
. وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا . وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ
دَحَاهَا .أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا . وَالْجِبَالَ
أَرْسَاهَا . مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ} ، وإنّما أضاف اللّيل والنهار إلى السماء بقوله {وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا} لأنّ أشعة الشمس تضرب على الطبقات الغازيّة فتعكسها الغازات إلى الأرض ، وقوله {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا}
أي زاد في قشرتِها الباردة ، ولا تزال هذه الكلمة مستعملة عند العرب إذ
يقول لصاحبه : "إملأ الكيس دقيقاً وادحيه " ، أي زدْ عليه من الدقيق حتّى
يمتلئ تماماً ، ومن ذلك قول أميّة بن أبي الصلت :
دارٌ دحاها ثمّ أعمرَ بابَها وأقام بِالأخرى التي هي أمجدُ
ومعناه : دارٌ ملأها بالأمتعة والأطعمة ثمّ سدّ بابها وأقام بالأخرى التي هي أحسن منها ، وقال تعالى في سورة ق {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} ، فقوله تعالى{وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا} أي مدّها بالمياه والذرّات والغازات وبذلك زاد حجمها ، وهذه نظير قوله {وَبَارَكَ فِيهَا} ونظير قوله {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} فالمدَد هو إعطاء الشيء بكثرة على الدوام ، كقوله تعالى في سورة الإسراء {وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا} ، وقال حسّان :
ويومَ بدرٍ لقيناكمْ لَنا مَدَدٌ فيرفعُ النصرً ميكالٌ وجبريلُ
وقال عنترة :
فيا لكَ مِنْ قلبٍ توقَّد بالحَشا ويا لكَ مِن دمعٍ غزيرٍ له مدُّ
وقال الله تعالى في سورة الحجر {وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ} ، وقال تعالى في سورة الرعد{وَهُو الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ .. إلخ }‘ فهذه الآيات متقاربات في المعنى ومختلفات في الألفاظ .
س 9 : قال الله تعالى {أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا} ، أليسَت المياه أمطاراً تنزل من السماء ، وإذا كانت الأرض جرماً ملتهباً فكيف تخرج المياه من النار ؟
ج : لا يخفى على مَن درس علم الكيمياء بأنّ الماء مركّب من الأوكسجين
والهيدروجين ، وقد قلنا أنّ هذه الغازات انبعثت من الأرض ، وأنّها تتبخّر
بحرارة الشمس فترتفع في السماء ثمّ تكون مطراً بسبب برودة الجو وتنزل إلى
الأرض ثانيةً .
س 10 : قال الله تعالى في سورة الزمر{وَمَا
قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ
وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} ، فما معنى قوله {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا} على أنّ الأرض واحدة ولو فرضنا أنّ في الكون أراضي كثيرة فينبغي أن يقول : والأرضون جميعاً قبضته يوم القيامة ؟
ج : قوله تعالى{وَالْأَرْضُ} يريد بِها السيّارات كلّها ، ولذلك قال {جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}، والمعنى أنّ الأرض المتمزّقة التي أصبحت سيّارات كلّها تكون قبضته يوم القيامة . {وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ}
السماوات هنا يريد بِها الطبقات الغازيّة حيث جاء ذكرها بعد ذكر الأرض .
وإليك مثل : لو اشتريت بطّيخة بدرهم وسألك سائل بكم اشتريتها ، فلا يصحّ
أن تقول كلّها بدرهم ، لأنّها واحدة ولا حاجة لقولك "كلّها" ، ولكن إذا
جزّأتها إلى تسعة أجزاء وسألك أحد : بكم اشتريتها ، فهنا يصحّ أن تقول
كلّها بدرهم ، وذلك لئلاّ يتوهّم أنّك اشتريت جزءً منها بدرهم ، فكذلك
قوله تعالى {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}
http://www.alkawn.site.io/