4 مليارات دولار لتنفيذ مشروع مونوريل لربط 6 أكتوبر بالقاهرة
مدير شركة آي سي سي لـ"الشرق الأوسط": ندرس تطبيق الفكرة في مكة المكرمة
علي نوري زاده
حينما
يتحدث ميلر أو كما يُدعى في مصر والدول العربية «السيد اركان» عن مشاريعه
الضخمة في قزاقستان والامارات العربية المتحدة والسعودية والولايات
المتحدة، تتصور انك على موعد مع رجل في مقتبل عمره، أمامه طريق طويل يأمل
في أن يسلكه نحو النجاح والازدهار، غير ان الرجل الذي استقبلني بمكتبه في
واشنطن بسعة صدر وترحاب خريج مدرسة الاقتصاد والعلوم السياسية بلندن في
مستهل الستينات في القرن الماضي، وعاش حياته المليئة بمفاجآت وانجازات
سيجعل أحد منها المرء يعتز بكتاب حياته للأبد.مستر ميلر أو السيد أركان يعيش هذه الأيام مع حلم لم يتركه منذ أن زار
مدينة القاهرة أول مرة قبل أربعة عقود. ان القاهرة باهراماتها وشوارعها
المزدحمة، وأسواقها لا سيما خان الخليلي ونهرها العظيم فضلا عن سكانها ممن
يحبهم السيد حباً اسطورياً، دخلت قلبه بدرجة انه اختار اسماً قد يكون
تردده سهلا لأبناء القاهرة والاسكندرية هكذا ولد اسم «أركان».وقد مضت على زيارات مستر ميلر المتكررة لمصر ثلاثين عاماً وحتى ان شعر بأن
موعد تحقق حلمه قد حان وذلك في التاسع من مارس (آذار) 2006 حينما وقع على
مذكرة مع المهندس محمد المنصور وزير النقل (المواصلات) المصري لبناء نظام
مونوريل للنقل بين مدينة السادس من اكتوبر والقاهرة مدينة أحلام المستر
ميلر.وعلى حد قوله، فان مشاهدة نصف مليون مصري يتنقلون يومياً ما بين مدينة
السادس من اكتوبر والقاهرة وبالعكس فهم جالسون في قطارات مونوريل التي تمر
بسرعة في قلب الصحراء قبل ان تشاهد معالم القاهرة والأهرامات، هي بحد
ذاتها حلم لم يتركني منذ ثلاثين عاماً.في مكتب رئيس هيئة أمناء ومدير شركة I CC (International Commerce
Corporation) نتحدث على مدار ساعتين مع المستر ميلر أو السيد أركان بمكتبه
في واشنطن حول مشروع مونوريل وفيما يلي نص الحوار:
* ما هو الدافع وراء مشروع مونوريل، في القاهرة؟ هل هو دافع شخصي أم ان
المشروع مرتبط بخطط التطور والتقدم التي تأمل الحكومة المصرية في تنفيذها
بمساعدة الدول الصديقة مثل الولايات المتحدة المعنية بهذا المشروع؟ـ هناك دوافع عدة من بينها ما أشرتم اليه غير ان أهم دافع هو المصاعب التي
يواجهها المواطن المصري بمدينة كبيرة ومزدحمة مثل القاهرة في أمر
المواصلات. والعامل المصري الذي يقيم بمدينة السادس من اكتوبر ويتوجه إلى
القاهرة للعمل يومياً، يقضي عدة ساعات في الازدحام كما ان ايابه وذهابه
مكلف جداً، مما دفع وزارة المواصلات بمصر للبحث عن حل أساسي لمشكلة
الازدحام والنقل، مع الأخذ بعين الاعتبار قضية البيئة وسرعة التنقل.
وحينما تلقيت دعوة من وزير المواصلات لدراسة امكانيات انشاء خطوط مونوريل
بين مدينة السادس من أكتوبر والقاهرة بتمويل خارجي ودون ان تضطر الحكومة
الى انفاق من بيت مال الشعب المصري. هكذا بدأنا بدراسة الأمر، وبعد
استشارة الخبراء والاختصاصيين اعددنا الخطة الأولية للمشروع الى جانب
تقديراتنا حول كلفة المشروع والمدة المتوقعة لإكماله.
* إلى أين وصل المشروع حاليا؟ـ لقد أنهينا كافة الدراسات التقنية والاقتصادية والجانبية للمشروع، كما
أطلعنا الجانب المصري على جزئيات تمويل المشروع بحيث هناك ما يتجاوز أربعة
مليارات دولار كلفة المشروع والتي سيتم توفيرها من قبل المؤسسات المالية
العالمية واعتمادات مالية من قبل الولايات المتحدة، والأمر الذي يجب ان
نأخذه بعين الاعتبار ان الولايات المتحدة تنتهج سياسة شفافة في مساعدة
الدول الصديقة ليس فقط في تطوير مجتمعها المدني فحسب، بل في مجال التقدم
والتنمية. بعبارة أخرى، علينا ان ننظر الى الجوانب الانسانية في بعض
المشاريع الضخمة التي تنطلق في المنطقة بمساعدة الولايات المتحدة.
* إذن هناك مشروع مونوريل الضخم والفنادق والمجمعات السياحية، ما هي منافع
هذا المشروع للمواطن المصري الذي يشكو دائما بأن المساعدات الخارجية، لم
تغير حياته، بل انها ساعدت جمعا قليلا من الناس ليصبحوا مليونيرات؟ـ كل يوم مئات الآلاف من أبناء الطبقة الفقيرة والوسطية يسافرون ما بين
مدينة السادس من أكتوبر والقاهرة وهؤلاء يقضون أربع ساعات كل يوم في
الحافلات وسيارات الأجرة في ازدحام كبير. ان نظام مونوريل سوف يخفض مدة
التنقل بين مدينة السادس من أكتوبر والقاهرة، وبالعكس الى عشرين دقيقة،
مما يعني ان المشروع سيوفر ثلاث ساعات اضافية لكل من يتنقل بين
المدينتين.. ثلاث ساعات كي يقضيها مع أسرته.
* ما هو حجم مساهمة الحكومة المصرية ماديا في المشروع؟ بمعنى آخر هل ستكون تكاليف المشروع عبئا على عاتق المواطن المصري وحكومته؟ـ في الوقت الحاضر يصل الدعم الحكومي لتذاكر قطارات الانفاق بالقاهرة
حوالي 80 في المائة، وهذا يشكل عبئا ثقيلا على كاهل الحكومة، بينما مشروع
مونوريل لن يكلف الحكومة شيئا، بل ان المشروع باعتباره مشروعا استثماريا
من القطاع الخاص، سيوفر الآلاف من فرص العمل كما ان الحكومة المصرية تحصل
على عشرين بالمائة من اسهم المشروع دون ان تدفع قرشا واحدا.
* تحدثتم عن فرص العمل، ما هي هذه الفرص وما حجمها؟ـ خلال مرحلة تنفيذ المشروع، ووفقا لتقديرات الخبراء، سنوفر فرص عمل لأكثر
من خمسة آلاف من العمال والتقنيين المصريين، وبعد استكمال المشروع سيكون
هناك مجال عمل لألف موظف وفني، ومدير مصري في الشركة بصورة دائمة، الى ذلك
فإن المشاريع الجانبية مثل المجمعات السكنية والفنادق والاسواق التجارية
والمكاتب والمصانع المرتبطة بالمشروع ستفتح مجال العمل للآلاف من المصريين
لا سيما الشباب الخريجين من الجامعات وابناء الريف والطبقات ذات الدخل
المحدود.
* تحدثتم عن المشاريع الجانبية ما هي أهم هذه المشاريع؟ـ في المرحلة الأولى، يتضمن المشروع انشاء 42 محطة وفندقين، وسوقين
تجاريين ومجمعا سكنيا ومجمعا صناعيا لانتاج قطارات مونوريل ومركز صيانة
وتصليح بمدينة السادس من أكتوبر، والمجمع السكني، سيوفر ألف وحدة سكنية
لافراد ذي دخل محدود، وهناك مرحلة ثانية التي سنتحدث عنها لاحقا.
* مشروع بهذا الحجم والكلفة بحاجة الى عدة مستثمرين وشركات وبنوك عالمية، هل لديكم قائمة بالاطراف المشاركة في المشروع؟ـ نعم هناك شركات كبرى مثل زيمنس Siemens الألمانية وهيتاشي اليابانية
وBombardier وFrazer_nash وAlestom التي أبدت رغبتها في المشاركة في تنفيذ
المشروع وانتاج القطارات.
* هل هناك نظام مونوريل موجود حاليا في المنطقة؟ـ لا، اذ ليس هناك مشروع مشابه في المنطقة فحسب، بل ان النظام الذي سنبنيه
في القاهرة سيكون فريدا في العالم وأكثر تطورا وديناميكية وحداثة من
الأنظمة الموجودة في اليابان ودول أخرى.
* لقد علمنا بأن دولاً أخرى في المنطقة ابدت رغبتها في بناء نظام مونوريل بعد علمها بمشروع مونوريل مدينة السادس من أكتوبر والقاهرة.ـ نعم، هناك بعض الدول العربية التي تهتم حكوماتها بسلامة مواطنيها ومنع
تلوث البيئة، ونقوم حاليا بدراسات حول بعض المدن مثل مكة المكرمة. ولدينا
أيضا اتفاقيات مبدئية مع دبي لبناء أضخم وأطول الأبراج والمجمعات التجارية.
* هل سيكون لمشروع مونوريل أي تأثير في مجال السياحة بمصر؟ أي هل ان
السائح الذي يزور مصر ويشكو عادة من ازدحام الشوارع وهدر وقته في التنقل
بين أحياء القاهرة، سيشعر بارتياح حين استكمال المشروع؟ـ بالتأكيد وليس لديّ ادنى شك بأن المشروع سيصبح من حيث عظمته وحجمه أحد
العجائب في عالمنا المعاصر. وهناك أهرامات وورثناها من المصريين القدامى،
وسنترك نحن مونوريل الى جانب الاهرام، للأجيال المقبلة، ان السائح يتوجه
من القاهرة الى منطقة الاهرامات بقطار مونوريل، وبعد زيارته للمواقع
الأثرية، يستطيع ان يأخذ وقتا للراحة في أحد الفنادق التي سنبنيها حول
محطات مونوريل. ومن ثم يعود الى محل اقامته في القاهرة ايضا بقطار مونوريل.
* هل هناك نية لانشاء مونوريل في مدينة مصرية أخرى غير القاهرة؟ـ نعم، ان مدينة الاسكندرية التاريخية العظيمة، هي ثاني المدن المصرية
التي قد أكملنا الدراسات والتقديرات الأولية بشأن بناء مونوريل فيها.
ومدينة مثل الاسكندرية بمعالمها الاثرية ومكتبتها التاريخية وجمالها
وبحرها بحاجة الى نظام مونوريل للحفاظ على جمالها وبيئتها.
* ان حديثكم قد أوجد شعورا لدى القارئ بأن «مستر ميلر» أو السيد أركان،
يحب مصر وشعب مصر وتاريخ مصر ولديه ثقة كبيرة بالحكومة المصرية! ـ هذا
شعور دقيق، وحبي لمصر أكبر من أن استطيع ان أصفه في كلمات. ان مصر أم
الدنيا، ومهد الحضارات وهناك حكومة تنظر الى المستقبل وتعتبر نفسها مسؤولة
عن تحسن ظروف الحياة لكل مواطن مصري، بغض النظر عن موقعه الاجتماعي
وثروته، وجيل من المسؤولين الشباب من خريجي أفضل الجامعات المصرية
والعالمية يعملون ليلا ونهارا لرفع مكانة مصر وايجاد امكانات أفضل لحياة
المصريين، وانني كمواطن أميركي يرى ان بلاده الولايات المتحدة تتابع احداث
مصر ونهضتها التنموية بعناية فائقة، ارى من واجبي ان اساهم بقدر امكاناتي
ووفقا لظروفي في دعم مصر حكومة وشعبا في مسيرة التنمية والتقدم. ان مصر
تمتلك امكانات بشرية واقتصادية ضخمة لكي تصبح نموذجا للتقدم والازدهار.
ولديّ أمل كامل بأن مشروعنا مونوريل القاهرة ـ السادس من أكتوبر سيكون
قفزة نوعية في مجال التنمية والتقدم الصناعي والاقتصادي.
* الجدول الزمني لتنفيذ مشروع مونوريل الضخم بالقاهرة ـ مارس (آذار) 2006
التوقيع على مذكرة التفاهم بشأن المشروع بين شركة «I CC» ووزارة المواصلات
المصرية.
ـ مارس (آذار) 2006 التوقيع على الاتفاقية الشاملة لبناء خطوط مونوريل بين مدينة السادس من أكتوبر والقاهرة مروراً بالاهرامات.
ـ 8 أغسطس (آب) 2006 شركة I CC تقدم الدراسة النهائية حول المشروع إلى الحكومة المصرية.ـ تجرى حالياً المشاورات والاتصالات مع مجموعة من الشركات والمؤسسات
العالمية مثل Citi Group وHsbc وCIB Bank حول المشروع والمشاريع الجانبية
مثل:
ـ انشاء فنادق عالمية فخمة على طول الخط وفي محطات الاهرام والسادس من أكتوبر.
ـ فندق المتحف المصري العظيم.
ـ 6 أكتوبر Shoping Center.
ـ 6 أكتوبر Residential Area (المجمعات السكنية الحديثة).
ـ مجمع انتاج قطارات مونوريل وتعمير وتصليح القطارات ومراقبة الخطوط.